" وهذه الطريقة توجب على المستدل بها أن لا يقطع بالظاهر من غير دليل على أن الاستثناء ما تعلق بما تقدم (1)، ويقتضي أن يتوقف في ذلك، كما نذهب نحن إليه، لأنه بنى دليله على أن الاستقلال يقتضي أن لا (2) يجب تعليقه بغيره. وهذا صحيح، غير أنه وإن لم يجب، فهو جائز. فمن أين قطع على أن هذا الذي ليس بواجب، لم يرده المتكلم؟ وليس فيما اقتصر عليه دلالة، على ذلك ".
وعن الثالث: بنحو الجواب عن الثاني، فان غاية ما يدل عليه أنه لا يجوز القطع على تخصيص غير الأخيرة بمجرد اللفظ. ونحن نقول به. لكنه مع ذلك محتمل، ولا سبيل إلى منعه.
وعن الرابع: أنا نختار عدم الاضمار. قوله: " يلزم أن يكون العامل فيما بعد الاستثناء أكثر من واحد "، قلنا: ممنوع، وإنما يلزم ذلك (3) ان لو كان العامل في المستثنى هو (4) العامل في المستثنى منه، وهو في موضع المنع أيضا، لضعف دليله.
ومذهب جماعة من النحاة: أن العامل في المستثنى هو " إلا "، لقيام معنى الاستثناء بها، والعامل ما به يتقوم المعنى المقتضي، ولكونها نائبة عن " أستثني "، كما أن حرف النداء نائب عن " أنادي "، وهو المتجه.
سلمنا، لكن نمنع عدم جواز اجتماع العاملين على المعمول الواحد، فإنهم لم ينقلوا له حجة يعتد بها. وإنما ذكر نجم الأئمة - رضي الله عنه - أنهم حملوها على المؤثرات الحقيقية، وضعفه ظاهر. وقد جوزوا (5) في العلل الشرعية الاجتماع، لكونها معرفات، والعلل الاعرابية كذلك، فإنما هي علامات. وما نقل عن سيبويه من النص عليه، لا حجة فيه. مع أنه قد عورض بنص الكسائي على الجواز.
وقول الفراء في باب التنازع مشهور، وقد حكم فيه بالتشريك بين العاملين