ومن الملائكة: الاستغفار. وهما مختلفان.
والجواب من وجوه:
أحدها: أن معنى السجود في الكل واحد، وهو: غاية الخضوع. وكذا (1) في الصلاة وهو الاعتناء باظهار الشرف ولو مجازا.
وثانيها: أن الآية الأولى بتقدير فعل (2)، كأنه قيل: " ويسجد له كثير من الناس "، والثانية بتقدير خبر، كأنه قيل: إن الله يصلى. وإنما جاز هذا التقدير، لان قوله: " يسجد له من في السماوات "، وقوله: " وملائكته يصلون " مقارن له، وهو مثل المحذوف، فكان دالا عليه، مثل قوله (3):
نحن بما عندنا وأنت بما * * * عندك راض والرأي مختلف أي نحن بما عندنا راضون. وعلى هذا، فيكون قد كرر اللفظ، مرادا به في كل مرة معنى، لان المقدر في حكم المذكور. وذلك جائز بالاتفاق.
وثالثها: أنه وإن ثبت الاستعمال فلا يتعين كونه حقيقة، بل نقول:
هو مجاز، لما قدمناه من الدليل. وإن كان المجاز على خلاف الأصل. ولو سلم كونه حقيقة، فالقرينة على إرادة الجميع فيه ظاهرة، فأين وجه الدلالة على ظهوره في ذلك مع فقد القرينة، كما هو المدعى؟
أصل واختلفوا في استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي والمجازي، كاختلافهم في استعمال المشترك في معانيه فمنعه قوم، وجوزه آخرون. ثم اختلف (4) المجوزون فأكثرهم على أنه مجاز. وربما قيل بكونه حقيقة ومجازا بالاعتبارين.
حجة المانعين (5): انه لو جاز استعمال اللفظ في المعنيين، للزم الجمع بين المتنافيين. أما الملازمة، فلان من شرط المجاز نصب القرينة المانعة عن إرادة