به سارقا مخصوصا، فصار كأسماء الشرط، تدخل الفاء في خبرها لعمومها، وإنما قدر سيبويه ذلك لجعل الخبر أمرا، وإذا ثبت الإضمار فالفاء داخلة في موضعها، تربط بين الجملتين. ومما يدل على أنه على الإضمار إجماع القراء على الرفع، مع أن الأمر الاختيار فيه النصب. قال: وقد قرأ ناس بالنصب ارتكانا للوجه القوي في العربية، ولكن أبت العامة إلا الرفع. وكذا قال في قوله تعالى: (مثل الجنة التي وعد المتقون):
مثل، هنا خبر مبتدأ محذوف، أي فيما نقص عليكم مثل الجنة. وكذا قال أيضا في قوله تعالى: (واللذان يأتيانها منكم فآذوهما): إنه على الإضمار.
وقد رد بأنه أي ضرورة تدعو إليه هنا؟ فإنه إنما صرنا إليه في السارق ونحوه لتقدير دخول الفاء في الخبر، فاحتيج للإضمار حتى تكون الفاء على بابها في الربط، وأما هذا فقد وصل بفعل هو بمنزلة: الذي يأتيك فله درهم.
وأجاب الصفار بأن الذي حمله على هذا أن الأمر دائر مع الضرورة كيف كان، لأنه إذا أضمر فقد تكلف، وإن لم يضمر كان الاسم مرفوعا وبعده الأمر، فهو قليل بالنظر إلى " اللذين يأتيانها " فكيفما عمل لم يخل من قبح.
وإن قدر منصوبا، وجاء القرآن بالألف على لغة من يقول " الزيدان " في جميع الأحوال وقع أيضا في محذور آخر، فلهذا قدره هذا التقدير، لأن الإضمار مع الرفع يتكافآن.
وقوله: (إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم)، الخبر محذوف، أي يعذبون. ويجوز أن يكون الخبر: (أولئك ينادون من مكان بعيد)،