وقوله: (كذبت قوم نوح)، ولولا ذلك لحذفت التاء، لأن القوم مذكر، ومنه قول حسان:
يسقون من ورد البريص عليهم * بردى يصفق بالرحيق السلسل بالياء، أي ماء بردى، ولو راعى المذكور لأتى بالتاء.
قالوا: وقد جاء في آية واحدة مراعاة التأنيث والمحذوف، وهي قوله تعالى: (وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون) أنث الضمير في (أهلكناها)، و (فجاءها)، لإعادتهما على القرية المؤنثة، وهي الثابتة، ثم قال: (أو هم قائلون) فأتى بضمير من يعقل حملا على " أهلها " المحذوف.
وفى تأويل إعادة الضمير على التأنيث وجهان: أحدهما أنه لما قام مقام المحذوف صارت المعاملة معه. والثاني أن يقدر في الثاني حذف المضاف، كما قدر في الأول. فإذا قلت:
سألت القرية وضربتها، فمعناه: وضربت أهلها، فحذف المضاف كما حذف من الأول إذ وجه الجواز قائم.
وقيل: هنا مضاف محذوف، والمعنى أهلكنا أهلها. وبياتا، حال منهم، أي مبيتين و (أوهم قائلون) جملة معطوفة عليها، ومحلها النصب.
وأنكر الشلوبين مراعاة المحذوف، وأول ما سبق على أنه من باب الحمل على المعنى ونقله عن المحققين، لأن القوم جماعة ولهذا يؤنث تأنيث الجمع، نحو هي الرجال، وجمع التكسير عندهم مؤنث وأسماء الجموع تجري مجراها، وعلى هذا جاء التأنيث، لا على الحذف، وكذا القول في البيت.