على المال، ويؤيده قوله: (جمالة صفر)، أفلا تراه كيف شبهه بالجماعة! أي كل واحدة من الشرر كالجمل لجماعاته، فجماعاته إذن مثل الجمالات الصفر، وكذلك الأول، شرره منه كالقصر. قاله أبو الفتح بن جنى.
وأما قوله: (ولا تقولوا ثلاثة)، فقيل 6 إن " ثلاثة " خبر مبتدأ محذوف تقديره: " آلهتنا ثلاثة ".
واعترض باستلزامه إثبات الإلهية لانصراف النفي الداخل على المبتدأ أو الخبر إلى المعنى المستفاد من الخبر لا إلى معنى المبتدأ، وحينئذ يقتضى نفى عدة الآلهة، لا نفى وجودهم.
قيل: وهو مردود، لأن نفي كون آلهتهم ثلاثة يصدق بألا يكون للآلهة الثلاثة وجود بالكلية، لأنه من السالبة المحصلة، فمعناه: ليس آلهتكم ثلاثة، وذلك يصدق بألا يكون لهم آلهة، وإنما حذف إيذانا بالنهي عن مطلق العدد المفهم للمساواة بوجه ما، فما ظنك بمن صرح بالشركة، كما قال تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة)، وقال سبحانه: (وما من إله إلا إله واحد)، فأفهم أنه لو وجد الإله يكون غيره معه خطأ لإفهامه مساواة ما، كقوله تعالى: (ثم الذين كفروا بربهم يعدلون)، ولزم من نفي الثلاثة لامتناع المساواة المعلومة عقلا، والمدلول عليها بقوله:
(إنما الله إله واحد)، نفي الشركة مطلقا، فإن تخصيص النهي وقع في مقابلة الفعل، ودليلا عليه، فإنهم كانوا يقولون في الله وعيسى وأمه: ثلاثة.