قيل: بظهور المعنى يزول الإشكال، فإن المقصود إذكار إحداهما الأخرى إذا ضلت ونسيت، فلما كان الضلال سببا للإذكار جعل موضع العلة، تقول: " أعددت هذه الخشبة أن تميل الحائط فأدعم بها "، فإنما أعددتها للدعم لا للميل، وأعددت هذا الدواء أن أمرض فأداوى به ونحوه، هذا قول سيبويه والبصريين.
وقال الكوفيون: تقديره في " تذكر إحداهما الأخرى ": إن ضلت، فلما تقدم الجزاء اتصل بما قبله، ففتحت أن.
* * * الثامن: " من أجل " في قوله تعالى: " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس) فإنه لتعليل الكتب، وعلى هذا فيجب الوقف على:
(من النادمين). وظن قوم أنه تعليل لقوله: (من النادمين)، أي من أجل قتله لأخيه، وهو غلط، لأنه يشوش صحة النظم، ويخل بالفائدة.
فإن قلت: كيف يكون قتل أحد ابني آدم للآخر علة للحكم على أمة أخرى بذلك الحكم؟ وإذا كان علة فكيف كان قتل نفس واحدة بمنزلة قاتل الناس كلهم؟.
قيل: إن الله - سبحانه - يجعل أقضيته وأقداره عللا لأسبابه الشرعية وأمره، فجعل حكمه الكوني القدري علة لحكمة أمره الديني، لأن القتل لما كان من أعلى