فإن قلت: لم قدر المعلل مؤخرا؟
قلت: فائدة هذا الأسلوب هو أن يجاء بالعلة بالواو للاهتمام بشأن العلة المذكورة، لأنه إما أن يقدر علة أخرى ليعطف عليها، فيكون اختصاص ذكرها لكونها أهم، وإما أن يكون على تقدير معلل، فيجب أن يكون مؤخرا ليشعر تقديمه بالاهتمام.
* * * الثالث: الإتيان بكى، كقوله تعالى: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم)، فعلل سبحانه قسمة الفئ بين هذه الأصناف كيلا يتداوله الأغنياء دون الفقراء.
وقوله: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأنها إن ذلك على الله يسير. لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم)، وأخبر سبحانه أنه قدر ما يصيبهم من البلاء في أنفسهم قبل أن تبرأ الأنفس أو المصيبة أو الأرض أو المجموع، ثم أخبر أن مصدر ذلك قدرته عليه وأنه هين عليه، وحكمته البالغة التي منها ألا يحزن عباده على ما فاتهم، ولا يفرحوا بما آتاهم، فإنهم إذا علموا أن المصيبة فيه مقدرة كائنة ولا بد قد كتبت قبل خلقهم هان عليهم الفائت، فلم يأسوا عليه ولم يفرحوا.
* * * الرابع: ذكر المفعول له وهو علة للفعل المعلل به، كقوله: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة).