يشكل به المعنى، لقوة الدلالة عليه، أو يقصد به تعديد أشياء، فيكون في تعدادها طول وسآمة، فيحذف ويكتفى بدلالة الحال عليه، وتترك النفس تجول في الأشياء المكتفى بالحال عن ذكرها على الحال. قال: وبهذا القصد يؤثر في المواضع التي يراد بها التعجب والتهويل على النفوس، ومنه قوله تعالى في وصف أهل الجنة: (حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها) فحذف الجواب، إذ كان وصف ما يجدونه ويلقونه عند ذلك لا يتناهى، فجعل الحذف دليلا على ضيق الكلام عن وصف ما يشاهدونه، وتركت النفوس تقدر ما شأنه، ولا يبلغ مع ذلك كنه ما هنالك، لقوله عليه الصلاة والسلام: " لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ".
قلت: ومنه: (فغشيهم من أليم ما غشيهم) مالا يعلم كنهه إلا الله، قال الزمخشري:
وهذا من باب الاختصار ومن جوامع الكلم المتحملة مع قلتها للمعاني الكثيرة.
ومنها: التخفيف، لكثرة دورانه في كلامهم، كما حذف حرف النداء، في نحو:
(يوسف أعرض عن هذا) وغيره. قال سيبويه: العرب تقول لا أدر، فيحذفون الياء، والوجه " لا أدري "، لأنه رفع، وتقول: " لم أبل "، فيحذفون الألف، والوجه " لم أبال ". ويقولون: " لم يك "، فيحذفون النون، كل ذلك يفعلونه استخفافا لكثرته في كلامهم.
ومنها: حذف نون التثنية والجمع وأثرها باق، نحو " الضاربا زيد " والضاربو زيد وقراءة من قرأ: (والمقيمي الصلاة) كأن النون ثابتة، فعلوا ذلك لاستطالة الموصول