منه صفة للعجيب الشأن. السؤال الثاني: كيف مثلت الجماعة بالواحد؟ والجواب من وجوه: أحدها: أنه يجوز في اللغة وضع " الذي " موضع " الذين " كقوله: * (وخضتم كالذي خاضوا) * (التوبة: 69) وإنما جاز ذلك لأن " الذي " لكونه وصلة إلى وصف كل معرفة مجملة وكثرة وقوعه في كلامهم، ولكونه مستطالا بصلته فهو حقيق بالتخفيف، ولذلك أعلوه بالحذف فحذفوا ياءه ثم كسرته ثم اقتصروا فيه على اللام وحدها في أسماء الفاعلين والمفعولين. وثانيها: أن يكون المراد جنس المستوقدين أو أريد الجمع أو الفوج الذي استوقد نارا. وثالثها: وهو الأقوى: أن المنافقين وذواتهم لم يشبهوا بذات المستوقد حتى يلزم منه تشبيه الجماعة بالواحد وإنما شبهت قصتهم بقصة المستوقد. ومثله قوله تعالى: * (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار) * (الجمعة: 5) وقوله: * (ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت) * (محمد: 20) ورابعها: المعنى ومثل كل واحد منهم كقوله: * (يخرجكم طفلا) * (غافر: 67) أي يخرج كل واحد منكم. السؤال الثالث: ما الوقود؟ وما النار؟ وما الإضاءة؟ وما النور؟ ما الظلمة؟ الجواب: أما وقود النار فهو سطوعها وارتفاع لهبها، وأما النار فهو جوهر لطيف مضيء، حار محرق، واشتقاقها من " نار ينور " إذا نفر؛ لأن فيها حركة واضطرابا، والنور مشتق منها وهو ضوؤها، والمنار العلامة، والمنارة هي الشيء الذي يؤذن عليه. ويقال أيضا للشيء الذي يوضع السراج عليه، ومنه النورة لأنها تطهر البدن والإضاءة فرط الإنارة، ومصداق ذلك قوله تعالى: * (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا) * (يونس: 5) و " أضاء " يرد لازما ومتعديا. تقول: أضاء القمر الظلمة، وأضاء القمر بمعنى استضاء قال الشاعر: _ أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم * دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه وأما ما حول الشيء فهو الذي يتصل به، تقول دار حوله وحواليه، والحول السنة لأنها تحول، وحال عن العهد أي تغير، وحال لونه أي تغير لونه، والحوالة انقلاب الحق من شخص إلى شخص، والمحاولة طلب الفعل بعد أن لم يكن طالبا له، والحول انقلاب العين، والحول الانقلاب، قال الله تعالى: * (لا يبغون عنها حولا) * والظلمة عدم النور عما من شأنه أن يستنير، والظلمة في أصل اللغة عبارة عن النقصان قال الله تعالى: * (آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا) * (الكهف: 33) أي لم تنقص وفي المثل: من أشبه أباه فما ظلم، أي فما نقص حق الشبه، والظلم الثلج لأنه ينتقص سريعا والظلم ماء السن وطراوته وبياضه تشبيها له بالثلج. السؤال الرابع: أضاءت متعدية أم لا؟ الجواب: كلاهما جائز ، يقال: أضاءت النار بنفسها وأضاءت غيرها وكذلك أظلم الشيء بنفسه وأظلم غيره أي صيره مظلما، وههنا الأقرب أنها متعدية، ويحتمل أن تكون غير متعدية مستندة إلى ما حوله والتأنيث للحمل على المعنى لأن ما حول المستوقد أماكن وأشياء، ويعضده قراءة ابن أبي عبلة " ضاء " السؤال الخامس: هلا قيل ذهب الله بضوئهم لقوله: * (فلما أضاءت) *؟ الجواب: ذكر النور أبلغ لأن الضوء فيه دلالة على الزيادة، فلو قيل ذهب الله بضوئهم لأوهم
(٧٥)