وبرق خاطف. السؤال الحادي عشر: إلى ماذا يرجع الضمير في " يجعلون ". الجواب: إلى أصحاب الصيب وهو وإن كان محذوفا في اللفظ لكنه باق في المعنى ولا محل لقوله يجعلون لكونه مستأنفا لأنه لما ذكر الرعد والبرق على ما يؤذن بالشدة والهول فكأن قائلا قال فكيف حالهم مع مثل ذلك الرعد فقيل يجعلون أصابعهم في آذانهم ثم قال فكيف حالهم مع مثل ذلك البرق فقال: * (يكاد البرق يخطف أبصارهم) * (البقرة: 20) السؤال الثاني عشر: رؤوس الأصابع هي التي تجعل في الآذان فهلا قيل أناملهم؟ الجواب المذكور وإن كان هو الأصبع لكن المراد بعضه كما في قوله: * (فاقطعوا أيديهما) * (المائدة: 38) المراد بعضهما. السؤال الثالث عشر: ما الصاعقة؟ الجواب: إنها قصف رعد ينقض منها شعلة من نار وهي نار لطيفة قوية لا تمر بشيء إلا أتت عليه إلا أنها مع قوتها سريعة الخمود. السؤال الرابع عشر: ما إحاطة الله بالكافرين. الجواب: إنه مجاز والمعنى أنهم لا يفوتونه كما لا يفوت المحاط به المحيط به حقيقة ثم فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه عالم بهم قال تعالى: * (وأن الله قد أحاط بكل شيء علما) * (الطلاق: 12) وثانيها: قدرته مستولية عليهم * (والله من وراءهم محيط) * (البروج: 20) وثالثها: يهلكهم من قوله تعالى: * (إلا أن يحاط بكم) * (يوسف: 66) السؤال الخامس عشر: ما الخطف. الجواب: إنه الأخذ بسرعة، وقرأ مجاهد " يخطف " بكسر الطاء، والفتح أفصح، وعن ابن مسعود " يختطف " وعن الحسن " يخطف " بفتح الياء والخاء وأصله يختطف، وعنه يخطف بكسرهما على اتباع الياء الخاء، وعن زيد بن علي: يخطف من خطف وعن أبي يتخطف من قوله: * (ويتخطف الناس من حولهم) * (العنكبوت: 67) أما قوله تعالى: * (كلما أضاء لهم مشوا فيه) * (البقرة: 20) فهو استئناف ثالث كأنه جواب لمن يقول كيف يصنعون في حالتي ظهور البرق وخفائه، والمقصود تمثيل شدة الأمر على المنافقين بشدته على أصحاب الصيب وما هم فيه من غاية التحير والجهل بما يأتون وما يذرون إذا صادفوا من البرق خفقة مع خوف أن يخطف أبصارهم انتهزوا تلك الخفقة فرصة فخطوا خطوات يسيرة، فإذا خفي وفتر لمعانه بقوا واقفين متقيدين عن الحركة، ولو شاء الله لزاد في قصف الرعد فأصمهم، وفي ضوء البرد فأعماهم. وأضاء إما متعد بمعنى كلما نور لهم مسلكا أخذوه، فالمفعول محذوف، وإما غير متعد بمعنى كلما لمع لهم مشوا في مطرح نوره، ويعضده قراءة ابن أبي عبلة " كلما ضاء " فإن قيل كيف قال مع الإضاءة كلما، ومع الإظلام إذا: قلنا لأنهم حراص على إمكان المشي، فكلما صادفوا منه فرصة انتهزوها وليس كذلك التوقف، والأقرب في أظلم أن يكون غير متعد وهو الظاهر، ومعنى قاموا وقفوا وثبتوا في مكانهم، ومنه قامت السوق، وقام الماء جمد، ومفعول شاء محذوف لأن الجواب يدل عليه والمعنى ولو شاء الله أن يذهب بسمعهم وأبصارهم لذهب بهما وههنا مسألة، وهي أن المشهور أن " لو " تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره، ومنهم من أنكر ذلك وزعم أنها لا تفيد إلا الربط واحتج عليه بالآية والخبر، أما الآية فقوله تعالى: * (ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون) * (الأنفال: 23) فلو أفادت كلمة لو انتفاء الشيء لا انتفاء غيره للزم التناقض لأن قوله: * (ولو علم الله فيهم
(٨٠)