هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) * (المؤمنون: 10 - 11) وقال: * (إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة) * وثانيها: أنهم خسروا حسناتهم التي عملوها لأنهم أحبطوها بكفرهم فلم يصل لهم منها خير ولا ثواب، والآية في اليهود ولهم أعمال في شريعتهم، وفي المنافقين وهم يعملون في الظاهر ما يعمله المخلصون فحبط ذلك كله، وثالثها: أنهم إنما أصروا على الكفر خوفا من أن تفوتهم اللذات العاجلة، ثم إنها تفوتهم إما عندما يصير الرسول صلى الله عليه وسلم مأذونا في الجهاد أو عند موتهم، وقال القفال رحمه الله تعالى: وبالجملة أن الخاسر اسم عام يقع على كل من عمل عملا لا يجزي عليه فيقال له خاسر، كالرجل الذي إذا تعنى وتصرف في أمر فلم يحصل منه على نفع قيل له خاب وخسر لأنه كمن أعطى شيئا ولم يأخذ بإزائه ما يقوم مقامه، فسمى الكفار الذين يعملون بمعاصي الله خاسرين قال تعالى: * (إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * (العصر: 2، 3) وقال: * (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا) * (الكهف: 103، 104) والله أعلم.
* (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون) *.
اعلم أنه سبحانه وتعالى لما تكلم في دلائل التوحيد والنبوة والمعاد إلى هذا الموضع فمن هذا الموضع إلى قوله: * (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم) * (البقرة: 40) في شرح النعم التي عمت جميع المكلفين وهي أربعة: أولها: نعمة الأحياء وهي المذكورة في هذه الآية. واعلم أن قوله: * (كيف تكفرون بالله) * وإن كان بصورة الاستخبار فالمراد به التبكيت والتعنيف، لأن عظم النعمة يقتضي عظم معصية المنعم، يبين ذلك أن الوالد كلما عظمت نعمته على الولد بأن رباه وعلمه وخرجه وموله وعرضه للأمور الحسان، كانت معصيته لأبيه أعظم، فبين سبحانه وتعالى بذلك عظم ما أقدموا عليه من الكفر، بأن ذكرهم نعمه العظيمة عليهم ليزجرهم بذلك عما أقدموا عليه من التمسك بالكفر ويبعثهم على اكتساب الإيمان، فذكر تعالى من نعمه ما هو الأصل في النعم وهو الأحياء، فهذا هو المقصود الكلي، فإن قيل لم كان العطف الأول بالفاء والبواقي بثم؟ قلنا لأن الأحياء الأول قد يعقب الموت بغير تراخ، وأما الموت فقد تراخى عن الأحياء والأحياء الثاني كذلك متراخ عن الموت إن أريد به النشور تراخيا ظاهرا، وههنا مسائل: المسألة الأولى: قالت المعتزلة: هذه الآية تدل على أن الكفر من قبل العباد من وجوه: أحدها: أنه تعالى لو كان هو الخالق للكفر فيهم لما جاز أن يقول: * (كيف تكفرون بالله) *