على الأرض في الذكر. وقال آخرون: بل الأرض أفضل لوجوه " ا " أنه تعالى وصف بقاعا من الأرض بالبركة بقوله: * (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا) * (آل عمران: 96) " ب " * (في البقعة المباركة من الشجرة) * (القصص: 30) " ج " * (إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) * (الإسراء: 1) " د " وصف أرض الشام بالبركة فقال: * (مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها) * (الأعراف: 137) وخامسها: وصف جملة الأرض بالبركة فقال: * (قل أئنكم لتكفرون) * (فصلت: 9) إلى قوله: * (وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها) * (فصلت: 10) فإن قيل: وأي بركة في الفلوات الخالية والمفاوز المهلكة؟ قلنا إنها مساكن للوحوش ومرعاها، ثم إنها مساكن للناس إذا احتاجوا إليها، فلهذه البركات قال تعالى: * (وفي الأرض آيات للموقنين) * (الذاريات: 20) وهذه الآيات وإن كانت حاصلة لغير الموقنين لكن لما لم ينتفع بها إلا الموقنون جعلها آيات للموقنين تشريفا لهم كما قال: * (هدى للمتقين) * وسادسها: أنه سبحانه وتعالى خلق الأنبياء المكرمين من الأرض على ما قال: * (منها خلقناكم وفيها نعيدكم) * (طه: 55) ولم يخلق من السماوات شيئا لأنه قال: * (وجعلنا السماء سقفا محفوظا) * (الأنبياء: 32). وسابعها: أن الله تعالى أكرم نبيه بها فجعل الأرض كلها مساجد له وجعل ترابها طهورا. أما قوله: * (السماء بناء) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: أنه تعالى ذكر أمر السماوات والأرض في كتابه في مواضع، ولا شك أن إكثار ذكر الله تعالى من ذكر السماوات والأرض يدل على عظم شأنهما، وعلى أن له سبحانه وتعالى فيهما أسرارا عظيمة، وحكما بالغة لا يصل إليها أفهام الخلق ولا عقولهم.
المسألة الثانية: في فضائل السماء وهي من وجوه: الأول: أن الله تعالى زينها بسبعة أشياء بالمصابيح * (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح) * (الملك: 5) وبالقمر * (وجعل القمر فيهن نورا) * وبالشمس * (وجعل الشمس سراجا) * (نوج: 16) وبالعرش * (رب العرش العظيم) * (التوبة: 29) وبالكرسي * (وسع كرسيه السماوات والأرض) * (البقرة: 255) وباللوح * (في لوح محفوظ) * (البروج: 22) وبالقلم * (نون والقلم) * (القلم: 1) فهذه سبعة: ثلاثة منها ظاهرة، وأربعة خفية: ثبتت بالدلائل السمعية من الآيات والأخبار. الثاني: أنه تعالى سمى السماوات بأسماء تدل على عظم شأنها: سماء، وسقفا محفوظا، وسبعا طباقا، وسبعا شدادا. ثم ذكر عاقبة أمرها فقال: * (وإذا السماء فرجت) * (المرسلات: 9)، * (وإذا السماء كشطت) * (التكوير: 11)، * (يوم نطوي السماء) * (الأنبياء: 104)، * (يوم تكون السماء كالمهل) * (المعارج: 8)، * (يوم تمور السماء مورا) * (الطور: 9)، * (فكانت وردة كالدهان) * (الرحمن: 37) وذكر مبدأها في آيتين فقال: * (ثم استوى إلى السماء وهي دخان) * (فصلت: 11) وقال: * (أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما) * (الأنبياء: 30) فهذا الاستقصاء الشديد في كيفية حدوثهما وفنائهما يدل على أنه سبحانه خلقهما لحكمة بالغة على ما قال: * (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا) * (ص: 27)، والثالث: أنه تعالى جعل السماء قبلة الدعاء: فالأيدي ترفع إليها، والوجوه تتوجه نحوها، وهي منزل الأنوار ومحل الصفاء والأضواء والطهارة والعصمة عن الخلل والفساد. الرابع: قال بعضهم السماوات والأرضون على صفتين، فالسماوات مؤثرة غير متأثرة. والأرضون متأثرة غير مؤثرة