* (كلا والقمر * والليل إذ أدبر * والصبح إذا أسفر * إنها لاحدى الكبر * نذيرا للبشر * لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر) *.
يعني تعالى ذكره بقوله كلا: ليس القول كما يقول من زعم أنه يكفي أصحابه المشركين خزنة جهنم حتى يجهضهم عنها ثم أقسم ربنا تعالى فقال: والقمر والليل إذ أدبر يقول: والليل إذ ولى ذاهبا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27472 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة والليل إذ أدبر:
إذ ولى.
وقال آخرون في ذلك ما:
27473 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس: والليل إذ أدبر دبوره: إظلامه.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة إذ أدبر، وبعض قراء مكة والكوفة: إذا دبر.
والصواب من القول في ذلك عندنا، أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقد اختلف أهل العلم بكلام العرب في ذلك، فقال بعض الكوفيين: هما لغتان، يقال: دبر النهار وأدبر، ودبر الصيف وأدبر قال: وكذلك قبل وأقبل فإذا قالوا: أقبل الراكب وأدبر لم يقولوه إلا بالألف. وقال بعض البصريين: والليل إذا دبر يعني: إذا دبر النهار وكان في آخره قال: ويقال: دبرني: إذا جاء خلفي، وأدبر: إذا ولى.
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما لغتان بمعنى، وذلك أنه محكي عن العرب: قبح الله ما قبل منه وما دبر. وأخرى أن أهل التفسير لم يميزوا في تفسيرهم بين القراءتين، وذلك دليل على أنهم فعلوا ذلك كذلك، لأنهما بمعنى واحد.
وقوله: والصبح إذا أسفر يقول تعالى ذكره: والصبح إذا أضاء، كما:
27474 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة والصبح إذا أسفر: إذا أضاء وأقبل.