وقوله: كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون يقول تعالى ذكره: يقال لهم: كلوا أيها القوم من هذه الفواكه، واشربوا من هذه العيون كلما اشتهيتم هنيئا يقول: لا تكدير عليكم، ولا تنغيص فيما تأكلونه وتشربون منه، ولكنه لكم دائم لا يزول، ومريء لا يورثكم أذى في أبدانكم.
وقوله: بما كنتم تعملون يقول جل ثناؤه يقال لهم: هذا جزاء بما كنتم في الدنيا تعملون من طاعة الله، وتجتهدون فيما يقربكم منه.
وقوله: إنا كذلك نجزي المحسنين يقول: إنا كما جزينا هؤلاء المتقين بما وصفنا من الجزاء على طاعتهم إيانا في الدنيا، كذلك نجزي ونثيب أهل الاحسان في طاعتهم إيانا، وعبادتهم لنا في الدنيا على إحسانهم لا نضيع في الآخرة أجرهم.
وقوله: ويل يومئذ للمكذبين يقول: ويل للذين يكذبون خبر الله عما أخبرهم به من تكريمه هؤلاء المتقين بما أكرمهم به يوم القيامة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون * ويل يومئذ للمكذبين * وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون * ويل يومئذ للمكذبين) *.
يقول تعالى ذكره تهددا ووعيدا منه للمكذبين بالبعث: كلوا في بقية آجالكم، وتمتعوا ببقية أعماركم إنكم مجرمون مسنون بكم سنة من قبلكم من مجرمي الأمم الخالية التي متعت بأعمارها إلى بلوغ كتبها آجالها، ثم انتقم الله منها بكفرها، وتكذيبها رسلها.
27885 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون قال: عني به أهل الكفر.
وقوله: ويل يومئذ للمكذبين يقول تعالى ذكره: ويل يومئذ للمكذبين الذين كذبوا خبر الله الذي أخبرهم به عما هو فاعل بهم في هذه الآية.
وقوله: وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون يقول تعالى ذكره: وإذا قيل لهؤلاء المجرمين المكذبين بوعيد الله أهل التكذيب به: اركعوا، لا يركعون.
واختلف أهل التأويل في الحين الذي يقال لهم فيه، فقال بعضهم: يقال ذلك في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون. ذكر من قال ذلك: