كنتم تعلمون يقول: لو علمتم أن ذلك كذلك، لأنبتم إلى طاعة ربكم. القول في تأويل قوله تعالى: * (قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا * فلم يزدهم دعائي إلا فرارا * وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا) *.
يقول تعالى ذكره: قال نوح لما بلغ قومه رسالة ربه، أو أنذرهم ما أمره به أن ينذرهموه فعصوه، وردوا عليه ما أتاهم به من عنده: رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا إلى توحيدك وعبادتك، وحذرتهم بأسك وسطوتك، فلم يزدهم دعائي إلا فرارا يقول:
فلم يزدهم دعائي إياهم إلى ما دعوتهم إليه من الحق الذي أرسلتني به لهم إلا فرارا يقول: إلا إدبارا عنه وهربا منه وأعراضا عنه. وقد:
27126 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: فلم يزدهم دعائي إلا فرارا قال: بلغنا أنهم كانوا يذهب الرجل بابنه إلى نوح، فيقول لابنه: احذر هذا لا يغوينك، فأراني قد ذهب بي أبي إليه وأنا مثلك، فحذرني كما حذرتك.
وقوله: وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم يقول وجل عز: وإني كلما دعوتهم إلى الاقرار بوحدانيتك، والعمل بطاعتك، والبراءة من عبادة كل ما سواك، لتغفر لهم إذا هم فعلوا ذلك جعلوا أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا دعائي إياهم إلى ذلك واستغشوا ثيابهم يقول: وتغشوا في ثيابهم، وتغطوا بها لئلا يسمعوا دعائي. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27127 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
جعلوا أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا كلام نوح عليه السلام.