معنى ذلك: أتيتك ساعة زارك، أو آتيك ساعة يقدم، وأنه لم يكن إتيانه إياه اليوم كله، لان ذلك لو كان أخذ اليوم كله لم يضف اليوم إلى فعل ويفعل، ولكن فعل ذلك إذ كان اليوم بمعنى إذ وإذا اللتين يطلبان الأفعال دون الأسماء.
وقوله: فيعتذرون رفعا عطفا على قوله: ولا يؤذن لهم وإنما اختير ذلك على النصب وقبله جحد، لأنه رأس آية قرن بينه وبين سائر رؤوس الآيات التي قبلها، ولو كان جاء نصبا كان جائزا، كما قال: لا يقضى عليهم فيموتوا، وكل ذلك جائز فيه، أعني الرفع والنصب، كما قيل: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له رفعا ونصبا.
وقوله: ويل يومئذ للمكذبين يقول تعالى ذكره: ويل يومئذ للمكذبين بخبر الله عن هؤلاء القوم، وما هو فاعل بهم يوم القيامة.
وقوله: هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين يقول تعالى ذكره لهؤلاء المكذبين بالبعث يوم يبعثون: هذا يوم الفصل الذي يفصل الله فيه بالحق بين عباده جمعناكم والأولين يقول: جمعناكم فيه لموعدكم الذي كنا نعدكم في الدنيا الجمع فيه بينكم وبين سائر من كان قبلكم من الأمم الهالكة، فقد وفينا لكم بذلك فإن كان لكم كيد فكيدون يقول: والله منجز لكم ما وعدكم في الدنيا من العقاب على تكذيبكم إياه بأنكم مبعوثون لهذا اليوم إن كانت لكم حيلة تحتالونها في التخلص من عقابه اليوم فاحتالوا.
وقوله: ويل يومئذ للمكذبين يقول: ويل يومئذ للمكذبين بهذا الخبر. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن المتقين في ظلال وعيون * وفواكه مما يشتهون * كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون * إنا كذلك نجزي المحسنين * ويل يومئذ للمكذبين) *.
يقول تعالى ذكره: إن الذين اتقوا عقاب الله بأداء فرائضه في الدنيا، واجتناب معاصيه في ظلال ظليلة، وكن كنين، لا يصيبهم أذى حر ولا قر، إذ كان الكافرون بالله في ظل ذي ثلاث شعب، لا ظليل ولا يغني من اللهب وعيون أنهار تجري خلال أشجار جناتهم وفواكه مما يشتهون يأكلون منها كلما اشتهوا لا يخافون ضرها، ولا عاقبة مكروهها.