عن شأنه، ولكنهم يبصرونهم فيعرفونهم، ثم يفر بعضهم من بعض، كما قال جل ثناؤه:
يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه.
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات بالصواب، لان ذلك أشبهها بما دل عليه ظاهر التنزيل، وذلك أن قوله: يبصرونهم تلا قوله: ولا يسأل حميم حميما فلان تكون الهاء والميم من ذكرهم أشبه منها بأن تكون من ذكر غيرهم.
واختلفت القراء في قراءة قوله: ولا يسأل فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار سوى أبي جعفر القارئ وشيبة بفتح الياء وقرأه أبو جعفر وشيبة: ولا يسئل بضم الياء، يعني: لا يقال لحميم أين حميمك؟ ولا يطلب بعضهم من بعض.
والصواب من القراءة عندنا فتح الياء، بمعنى: لا يسأل الناس بعضهم بعضا عن شأنه، لصحة معنى ذلك، ولاجماع الحجة من القراء عليه. القول في تأويل قوله تعالى: * (يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه * وفصيلته التي تؤويه * ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه) *.
يقول تعالى ذكره: يود الكافر يومئذ ويتمنى أنه يفتدى من عذاب الله إياه ذلك اليوم ببنيه وصاحبته، وهي زوجته، وأخيه وفصيلته، وهم عشيرته التي تؤويه، يعني التي تضمه إلى رحله، وتنزل فيه امرأته، لقربة ما بينها وبينه، وبمن في الأرض جميعا من الخلق، ثم ينجيه ذلك من عذاب الله إياه ذلك اليوم. وبدأ جل ثناؤه بذكر البنين، ثم الصاحبة، ثم الأخ، إعلاما منه عباده أن الكافر من عظيم ما ينزل به يومئذ من البلاء يفتدى نفسه، لو وجد إلى ذلك سبيلا بأحب الناس إليه، كان في الدنيا، وأقربهم إليه نسبا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27047 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه الأحب فالأحب، والأقرب فالأقرب من أهله وعشيرته لشدائد ذلك اليوم.