وكفر برسلنا في عاجل الدنيا، ولعذاب الآخرة أكبر يعني عقوبة الآخرة بمن عصى ربه وكفر به، أكبر يوم القيامة من عقوبة الدنيا وعذابها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
26868 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون يعني بذلك عذاب الدنيا.
26869 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: الله:
كذلك العذاب: أي عقوبة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون.
26870 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
كذلك العذاب قال: عذاب الدنيا: هلاك أموالهم: أي عقوبة الدنيا.
وقوله: لو كانوا يعلمون يقول: لو كان هؤلاء المشركون يعلمون أن عقوبة الله لأهل الشرك به أكبر من عقوبته لهم في الدنيا، لارتدعوا وتابوا وأنابوا، ولكنهم بذلك جهال لا يعلمون. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم * أفنجعل المسلمين كالمجرمين * ما لكم كيف تحكمون) *.
يقول تعالى ذكره: إن للمتقين الذين اتقوا عقوبة الله بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه عند ربهم جنات النعيم يعني: بساتين النعيم الدائم.
وقوله: أفنجعل المسلمين كالمجرمين يقول تعالى ذكره: أفنجعل أيها الناس في كرامتي ونعمتي في الآخرة الذين خضعوا لي بالطاعة، وذلوا لي بالعبودية، وخشعوا لأمري ونهي، كالمجرمين الذي اكتسبوا المآثم، وركبوا المعاصي، وخالفوا أمري ونهي؟ كلا ما الله بفاعل ذلك.
وقوله: مالكم كيف تحكمون أتجعلون المطيع لله من عبيده، والعاصي له منهم في كرامته سواء. يقول جل ثناؤه: لا تسووا بينهما فإنهما لا يستويان عند الله، بل المطيع له الكرامة الدائمة، والعاصي له الهوان الباقي. القول في تأويل قوله تعالى: