وقوله: نبتليه نختبره. وكان بعض أهل العربية يقول: المعنى: جعلناه سميعا بصيرا لنبتليه، فهي مقدمة معناها التأخير، إنما المعنى خلقناه وجعلناه سميعا بصيرا لنبتليه، ولا وجه عندي لما قال يصح، وذلك أن الابتلاء إنما هو بصحة الآلات وسلامة العقل من الآفات، وإن عدم السمع والبصر. وأما اخباره إيانا أنه جعل لنا أسماعا وأبصارا في هذه الآية، فتذكير منه لنا بنعمه، وتنبيه على موضع الشكر فأما الابتلاء فبالخلق مع صحة الفطرة، وسلامة العقل من الآفة، كما قال: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون.
وقوله: فجعلناه سميعا بصيرا يقول تعالى ذكره: فجعلناه ذا سمع يسمع به، وذا بصر يبصر به، إنعاما من الله على عباده بذلك، ورأفة منه لهم، وحجة له عليهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا * إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: إنا هديناه السبيل إنا بينا له طريق الجنة، وعرفناه سبيله، إن شكر، أو كفر. وإذا وجه الكلام إلى هذا المعنى، كانت إما وإما في معنى الجزاء. وقد يجوز أن تكون إما وإما بمعنى واحد، كما قال: إما يعذبهم وإما يتوب عليهم فيكون قوله: إما شاكرا وإما كفورا حالا من الهاء التي في هديناه فيكون معنى الكلام إذا وجه ذلك إلى هذا التأويل: إنا هديناه السبيل، إما شقيا وإما سعيدا. وكان بعض نحويي البصرة يقول ذلك كما قال: إما العذاب وإما الساعة كأنك لم تذكر إما قال: وإن شئت ابتدأت ما بعدها فرفعته. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27711 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
إنا هديناه السبيل قال: الشقوة والسعادة.
27712 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إنا هديناه السبيل إما شاكرا للنعم وإما كفورا. لها.