وذكرت السماء في هذا الموضع لان العرب تذكرها وتؤنثها، فمن ذكرها وجهها إلى السقف، كما يقال: هذا سماء البيت: لسقفه. وقد يجوز أن يكون تذكيرهم إياها لأنها من الأسماء التي لا فصل فيها بين مؤنثها ومذكرها ومن التذكير قول الشاعر:
فلو رفع السماء إليه قوما * لحقنا بالسماء مع السحاب وقوله: كان وعده مفعولا يقول تعالى ذكره: كان ما وعد الله من أمر أن يفعله مفعولا، لأنه لا يخلف وعده، وما وعد أن يفعله تكوينه يوم تكون الولدان شيبا يقول:
فاحذروا ذلك اليوم أيها الناس، فإنه كائن لا محالة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا * إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم ألن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم) *.
يعني تعالى ذكره بقوله: إن هذه الآيات التي ذكر فيها أمر القيامة وأهوالها، وما هو فاعل فيها بأهل الكفر تذكرة يقول: عبرة وعظة لمن اعتبر بها واتعظ فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا يقول: فمن شاء من الخلق اتخذ إلى ربه طريقا بالايمان به، والعمل بطاعته. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27344 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إن هذه تذكرة يعني القرآن فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا بطاعة الله.
وقوله: إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل يقول لنبيه محمد (ص): إن ربك يا محمد يعلم أنك تقوم أقرب من ثلثي الليل مصليا، ونصفه وثلثه.