وإلا رسالاته التي أرسلني بها إليكم فأما الرشد والخذلان، فبيد الله، هو مالكه دون سائر خلقه يهدى من يشاء ويخذل من أراد. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27245 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إلا بلاغا من الله ورسالاته فذلك الذي أملك بلاغا من الله ورسالاته.
وقد يحتمل ذلك معنى آخر، وهو أن تكون إلا حرفين، وتكون لا منقطعة من إن فيكون معنى الكلام: قل إني لن يجيرني من الله أحد إن لم أبلغ رسالاته ويكون نصب البلاغ من إضمار فعل من الجزاء كقول القائل: إن لا قياما فقعودا، وإن لا إعطاء فردا جميلا، بمعنى: إن لا تفعل الاعطاء فردا جميلا.
وقوله: ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم يقول تعالى ذكره: ومن يعص الله فيما أمره ونهاه، ويكذب به ورسوله، فجحد رسالاته، فإن له نار جهنم يصلاها خالدين فيها أبدا يقول: ماكثين فيها أبدا إلى غير نهاية.
وقوله: حتى إذا رأوا ما يوعدون يقول تعالى ذكره: إذا عاينوا ما يعدهم ربهم من العذاب وقيام الساعة فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا أجند الله الذي أشركوا به، أم هؤلاء المشركون به. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا * عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا * ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شئ عددا) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله من قومك: ما أدري أقريب ما يعدكم ربكم من العذاب وقيام الساعة أم يجعل له ربي أمدا يعني: غاية معلومة تطول مدتها.
وقوله: عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول يعني بعالم الغيب: عالم ما غاب عن أبصار خلقه، فلم يروه فلا يظهر على غيبه أحدا، فيعلمه أو يريه إياه إلا من ارتضى من رسول، فإنه يظهره على ما شاء من ذلك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: