في الدنيا نذير ينذركم هذا العذاب الذي أنتم فيه؟ فأجابهم المساكين فقالوا بلى قد جاءنا نذير ينذرنا هذا، فكذبناه وقلنا له: ما نزل الله من شئ إن أنتم إلا في ضلال كبير يقول: في ذهاب عن الحق بعيد. القول في تأويل قوله تعالى: * ( وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير * فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير) *.
يقول تعالى ذكره: وقال الفوج الذي ألقي في النار للخزنة: لو كنا في الدنيا نسمع أو نعقل من النذر ما جاؤونا به النصيحة، أو نعقل عنهم ما كانوا يدعوننا إليه ما كنا اليوم في أصحاب السعير يعني أهل النار.
وقوله: فاعترفوا بذنبهم يقول: فأقروا بذنبهم ووحد الذنب، وقد أضيف إلى الجمع، لان فيه معنى فعل، فأدى الواحد عن الجمع، كما يقال: خرج عطاء الناس، وأعطية الناس فسحقا لأصحاب السعير يقول: فبعدا لأهل النار. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
26736 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: فسحقا لأصحاب السعير يقول: بعدا.
26737 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير فسحقا لأصحاب السعير قال: سحقا: واد في جهنم.
والقراء على تخفيف الحاء من السحق، وهو الصواب عندنا لان الفصيح من كلام العرب ذلك، ومن العرب من يحركها بالضم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير * وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور) *.
يقول تعالى ذكره: إن الذين يخافون ربهم بالغيب: يقول: وهم لم يروه لهم مغفرة يقول: لهم عفو من الله عن ذنوبهم وأجر كبير يقول: وثواب من الله لهم على خشيتهم إياه بالغيب جزيل.