وقوله: وإنا لمسنا السماء يقول عز وجل مخبرا عن قيل هؤلاء النفر: وأنا طلبنا السماء وأردناها، فوجدناها ملئت يقول: فوجدناها ملئت حرسا شديدا يعني حفظة وشهبا، وهي جمع شهاب، وهي النجوم التي كانت ترجم بها الشياطين. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27198 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن زياد، عن سعيد بن جبير، قال: كانت الجن تستمع، فلما رجموا قالوا: إن هذا الذي حدث في السماء لشئ حدث في الأرض قال: فذهبوا يطلبون حتى رأوا النبي (ص) خارجا من سوق عكاظ يصلي بأصحابه الفجر، فذهبوا إلى قومهم منذرين. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا * وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا) *.
يقول عز وجل: وإنا كنا معشر الجن نقعد من السماء مقاعد لنسمع ما يحدث، وما يكون فيها، فمن يستمع الآن فيها منا يجد له شهابا رصدا يعني: شهاب نار قد رصد له به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27199 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله وأنا لمسنا السماء... إلى قوله: فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا كانت الجن تسمع سمع السماء فلما بعث الله نبيه، حرست السماء، ومنعوا ذلك، فتفقدت الجن ذلك من أنفسها.
وذكر لنا أن أشراف الجن كانوا بنصيبين، فطلبوا ذلك، وضربوا له حتى سقطوا على نبي الله (ص) وهو يصلي بأصحابه عامدا إلى عكاظ.
27200 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا وشهبا... حتى بلغ فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا فلما وجدوا ذلك رجعوا إلى إبليس، فقالوا: منع منا السمع، فقال لهم: إن السماء لم تحرس قط إلا على أحد أمرين: إما لعذاب يريد الله أن ينزله على أهل الأرض