واختلف أهل التأويل في معنى قوله: لا يبغيان فقال بعضهم: معنى ذلك:
لا يبغي أحدهما على صاحبه. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن ابن أبزى لا يبغيان:
لا يبغي أحدهما على صاحبه.
قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا فطر، عن مجاهد، مثله.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوام، عن قتادة مثله.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنهما لا يختلطان. ذكر من قال ذلك:
25529 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
لا يبغيان قال: لا يختلطان.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا يبغيان على اليبس. ذكر من قال ذلك:
25530 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
لا يبغيان على اليبس، وما أخذ أحدهما من صاحبه فهو بغي، فحجز أحدهما عن صاحبه بقدرته ولطفه وجلاله تبارك وتعالى.
وقال آخرون: بل معناه: لا يبغيان أن يلتقيا. ذكر من قال ذلك:
25531 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
لا يبغيان قال: لا يبغي أحدهما أن يلتقي مع صاحبه.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله وصف البحرين اللذين ذكرهما في هذه الآية أنهما لا يبغيان، ولم يخصص وصفهما في شئ دون شئ، بل عم الخبر عنهما بذلك، فالصواب أن يعم كما عم جل ثناؤه، فيقال: إنهما لا يبغيان على شئ، ولا يبغي أحدهما على صاحبه، ولا يتجاوزان حد الله الذي حده لهما.
وقوله: فبأي آلاء ربكما تكذبان يقول تعالى ذكره: فبأي نعم الله ربكما معشر الجن والإنس تكذبان من هذه النعم التي أنعم عليكم من مرجه البحرين، حتى جعل لكم بذلك حلية تلبسونها كذلك. القول في تأويل قوله تعالى: