واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة وبعض قراء البصرة عادا لولى بترك الهمز وجزم النون حتى صارت اللام في الأولى، كأنها لام مثقلة، والعرب تفعل ذلك في مثل هذا، حكي عنها سماعا منهم: قم لان عنا، يريد: قم الآن، جزموا الميم لما حركت اللام التي مع الألف في الآن، وكذلك تقول: صم اثنين، يريدون: صم الاثنين. وأما عامة قراء الكوفة وبعض المكيين، فإنهم قرأوا ذلك بإظهار النون وكسرها، وهمز الأولى على اختلاف في ذلك عن الأعمش، فروى أصحابه عنه غير القاسم بن معن موافقة أهل بلده في ذلك. وأما القاسم بن معن فحكي عنه عن الأعمش أنه وافق في قراءته ذلك قراءة المدنيين.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما ذكرنا من قراءة الكوفيين، لان ذلك هو الفصيح من كلام العرب، وأن قراءة من كان من أهل السليقة فعلى البيان والتفخيم، وأن الادغام في مثل هذا الحرف وترك البيان إنما يوسع فيه لمن كان ذلك سجيته وطبعه من أهل البوادي. فأما المولدون فإن حكمهم أن يتحروا أفصح القراءات وأعذبها وأثبتها، وإن كانت الأخرى جائزة غير مردودة.
وإنما قيل لعاد بن إرم: عاد الأولى، لان بني لقيم بن هزال بن هزيل بن عبيل بن ضد بن عاد الأكبر، كانوا أيام أرسل الله على عاد الأكبر عذابه سكانا بمكة مع إخوانهم من العمالقة، ولد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، ولم يكونوا مع قومهم من عاد بأرضهم، فلم يصبهم من العذاب ما أصاب قومهم، وهم عاد الآخرة، ثم هلكوا بعد.
وكان هلاك عاد الآخرة ببغي بعضهم على بعض، فتفانوا بالقتل فيما:
25263 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة عن ابن إسحاق، فيما ذكرنا قيل لعاد الأكبر الذي أهلك الله ذريته بالريح: عاد الأولى، لأنها أهلكت قبل عاد الآخرة. وكان ابن زيد يقول: إنما قيل لعاد الأولى لأنها أول الأمم هلاكا.
25264 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال قال ابن زيد، في قوله:
أهلك عادا الأولى قال: يقال: هي من أول الأمم.
وقوله: وثمود فما أبقى يقول تعالى ذكره: ولم يبق الله ثمود فيتركها على طغيانها وتمردها على ربها مقيمة، ولكنه عاقبها بكفرها وعتوها فأهلكها.