ظهري، قال: تقدم يا محمد فصل، وقرأ سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام... حتى بلغ لنريه من آياتنا.
وأولى القولين بالصواب في تأويل ذلك، قول من قال: عنى به: سل مؤمني أهل الكتابين.
فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يقال: سل الرسل، فيكون معناه: سل المؤمنين بهم وبكتابهم؟ قيل: جاز ذلك من أجل أن المؤمنين بهم وبكتبهم أهل بلاغ عنهم ما أتوهم به عن ربهم، فالخبر عنهم وعما جاؤوا به من ربهم إذا صح بمعنى خبرهم، والمسألة عما جاؤوا به بمعنى مسألتهم إذا كان المسؤول من أهل العلم بهم والصدق عليهم، وذلك نظير أمر الله جل ثناؤه إيانا برد ما تنازعنا فيه إلى الله وإلى الرسول، يقول: فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول، ومعلوم أن معنى ذلك: فردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله، لان الرد إلى ذلك رد إلى الله والرسول. وكذلك قوله: واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا إنما معناه: فاسأل كتب الذين أرسلنا من قبلك من الرسل، فإنك تعلم صحة ذلك من قبلنا، فاستغني بذكر الرسل من ذكر الكتب، إذ كان معلوما ما معناه.
وقوله: أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون يقول: أمرناهم بعبادة الآلهة من دون الله فيما جاؤوهم به، أو أتوهم بالأمر بذلك من عندنا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23889 - حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون؟ أتتهم الرسل يأمرونهم بعبادة الآلهة من دون الله؟ وقيل: آلهة يعبدون، فأخرج الخبر عن الآلهة مخرج الخبر عن ذكور بني آدم، ولم يقل: تعبد، ولا يعبدن، فتؤنث وهي حجارة، أو بعض الجماد كما يفعل في الخبر عن بعض الجماد. وإنما فعل ذلك كذلك، إذ كانت تعبد وتعظم تعظيم الناس ملوكهم وسراتهم، فأجري الخبر عنها مجرى الخبر عن الملوك والاشراف من بني آدم.