وقوله: لا يسمعون إلى الملأ الأعلى اختلفت القراء في قراءة قوله: لا يسمعون، فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والبصرة، وبعض الكوفيين: لا يسمعون بتخفيف السين من يسمعون، بمعنى أنهم يتسمعون ولا يسمعون. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين بعد لا يسمعون بمعنى: لا يتسمعون، ثم أدغموا التاء في السين فشددوها.
وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه بالتخفيف، لان الأخبار الواردة عن رسول الله (ص) وعن أصحابه، أن الشياطين قد تتسمع الوحي، ولكنها ترمى بالشهب لئلا تسمع. ذكر رواية بعض ذلك:
15 224 حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كانت للشياطين مقاعد في السماء، قال: فكانوا يسمعون الوحي، قال: وكانت النجوم لا تجري، وكانت الشياطين لا ترمى، قال: فإذا سمعوا الوحي نزلوا إلى الأرض، فزادوا في الكلمة تسعا قال: فلما بعث رسول الله (ص) جعل الشيطان إذا قعد مقعده جاء شهاب، فلم يخطه حتى يحرقه، قال: فشكوا ذلك إلى إبليس، فقال: ما هو إلا لأمر حدث قال: فبعث جنوده، فإذا رسول الله (ص) قائم يصلي بين جبلي نخلة قال أبو كريب، قال وكيع: يعني بطن نخلة، قال: فرجعوا إلى إبليس فأخبروه، قال: فقال هذا الذي حدث.
حدثنا ابن وكيع وأحمد بن يحيى الصوفي قالا: ثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كانت الجن يصعدون إلى السماء الدنيا يستمعون الوحي، فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعا، فأما الكلمة فتكون حقا، وأما ما زادوا فيكون باطلا فلما بعث النبي (ص) منعوا مقاعدهم، فذكروا ذلك لإبليس، ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك، فقال لهم إبليس: ما هذا إلا لأمر حدث في الأرض، فبعث جنوده، فوجدوا رسول الله (ص) قائما يصلي، فأتوه فأخبروه، فقال: هذا الحدث الذي حدث.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كانت الجن لهم مقاعد، ثم ذكر نحوه.
2416 حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: ثني الزهري، عن علي بن الحسين، عن أبي إسحاق، عن ابن عباس، قال: حدثني