بإضافة الزينة إلى الكواكب، وخفض الكواكب إنا زينا السماء الدنيا التي تليكم أيها الناس وهي الدنيا إليكم بتزيينها الكواكب: أي بأن زينتها الكواكب. وقرأ ذلك جماعة من قراء الكوفة: بزينة الكواكب بتنوين زينة، وخفض الكواكب ردا لها على الزينة، بمعنى: إنا زينا السماء الدنيا بزينة هي الكواكب، كأنه قال: زيناها بالكواكب. وروي عن بعض قراء الكوفة أنه كان ينون الزينة وينصب الكواكب، بمعنى: إنا زينا السماء الدنيا بتزييننا الكواكب. ولو كانت القراءة في الكواكب جاءت رفعا إذا نونت الزينة، لم يكن لحنا، وكان صوابا في العربية، وكان معناه: إنا زينا السماء الدنيا بتزيينها الكواكب: أي بأن زينتها الكواكب وذلك أن الزينة مصدر، فجائز توجيهها إلى أي هذه الوجوه التي وصفت في العربية.
وأما القراءة فأعجبها إلي بإضافة الزينة إلى الكواكب وخفض الكواكب لصحة معنى ذلك في التأويل والعربية، وأنها قراءة أكثر قراء الأمصار، وإن كان التنوين في الزينة وخفض الكواكب عندي صحيحا أيضا. فأما النصب في الكواكب والرفع، فلا أستجيز القراءة بهما، لاجماع الحجة من القراء على خلافهما، وإن كان لهما في الاعراب والمعنى وجه صحيح.
وقد اختلف أهل العربية في تأويل ذلك إذا أضيفت الزينة إلى الكواكب، فكان بعض نحويي البصرة يقول: إذا قرئ ذلك كذلك، فليس يعني بعضها، ولكن زينتها حسنها وكان غيره يقول: معنى ذلك إذا قرئ كذلك: إنا زينا السماء الدنيا بأن زينتها الكواكب.
وقد بينا الصواب في ذلك عندنا.
وقوله: وحفظا يقول تعالى ذكره: وحفظا للسماء الدنيا زيناها بزينة الكواكب.
وقد اختلف أهل العربية في وجه نصب قوله: وحفظا فقال بعض نحويي البصرة: قال وحفظا، لأنه بدل من اللفظ بالفعل، كأنه قال، وحفظناها حفظا. وقال بعض نحويي الكوفة: إنما هو من صلة التزيين أنا زينا السماء الدنيا حفظا لها، فأدخل الواو على التكرير: أي وزيناها حفظا لها، فجعله من التزيين وقد بينا القول فيه عندنا. وتأويل الكلام: وحفظا لها من كل شيطان عات خبيث زيناها، كما:
22414 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وحفظا يقول: جعلتها حفظا من كل شيطان مارد.