عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون قال الملأ الأعلى: الملائكة حين شووروا في خلق آدم، فاختصموا فيه، وقالوا: لا تجعل في الأرض خليفة.
23098 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي بالملأ الأعلى إذ يختصمون هو: إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة 23099 حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ما كان لي من علم بالملأ الأعلى قال: هم الملائكة، كانت خصومتهم في شأن آدم حين قال ربك للملائكة: إني خالق بشرا من طين... حتى بلغ ساجدين، وحين قال: إني جاعل في الأرض خليفة... حتى بلغ ويسفك الدماء، ففي هذا اختصم الملأ الأعلى.
وقوله: إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لمشركي قريش: ما يوحي الله إلي علم ما لا علم لي به، من نحو العلم بالملأ الأعلى واختصامهم في أمر آدم إذا أراد خلقه، إلا لأني إنما أنا نذير مبين فإنما على هذا التأويل في موضع خفض على قول من كان يرى أن مثل هذا الحرف الذي ذكرنا لا بد له من حرف خافض، فسواء اسقاط خافضه منه وإثباته. وإما على قول من رأى أن مثل هذا ينصب إذا أسقط منه الخافض، فإنه على مذهبه نصب، وقد بينا ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقد يتجه لهذا الكلام وجه آخر، وهو أن يكون معناه: ما يوحي الله إلى إنذاركم.
وإذا وجه الكلام إلى هذا المعنى، كانت أنما في موضع رفع، لان الكلام يصير حينئذ بمعنى: ما يوحى إلي إلا الانذار.
قوله: إلا أنما أنا نذير مبين يقول: إلا أني نذير لكم مبين لكم إنذاره إياكم.
وقيل: إلا أنما أنا، ولم يقل: إلا أنما أنك، والخبر من محمد عن الله، لان الوحي قول، فصار في معنى الحكاية، كما يقال في الكلام: أخبروني أني مسئ، وأخبروني أنك مسئ بمعنى واحد، كما قال الشاعر:
رجلان من ضبة أخبرانا * أنا رأينا رجلا عريانا.