أين الصديق؟ أين لونك الحسن؟ قد تغير، وصار مثل الرماد؟ أين جسمك الحسن الذي قد بلي وتردد فيه الدواب؟ اذبح هذه السخلة واسترح قال أيوب: أتاك عدو الله فنفخ فيك فوجد فيك رفقا وأجبته، ويلك أرأيت ما تبكين عليه مما تذكرين مما كنا فيه من المال والولد والصحة والشباب؟ من أعطانيه؟ قالت: الله. قال: فكم متعنا به؟ قالت: ثمانين سنة. قال: فمذ كم ابتلانا الله بهذا البلاء الذي ابتلانا به؟ قالت: منذ سبع سنين وأشهر.
قال: ويلك والله ما عدلت ولا أنصفت ربك ألا صبرت حتى نكون في هذا البلاء الذي ابتلانا ربنا به ثمانين سنة كما كنا في الرخاء ثمانين سنة؟ والله لئن شفاني الله لأجلدنك مئة جلدة هيه أمرتيني أن أذبح لغير الله، طعامك وشرابك الذي تأتيني به علي حرام وأن أذوق ما تأتيني به بعد، إذ قلت لي هذا فاغربي عني فلا أراك فطردها، فذهبت، فقال الشيطان:
هذا قد وطن نفسه ثمانين سنة على هذا البلاء الذي هو فيه فباء بالغلبة ورفضه. ونظر أيوب إلى امرأته وقد طردها، وليس عنده طعام ولا شراب ولا صديق قال الحسن: ومر به رجلان وهو على تلك الحال، ولا والله ما على ظهر الأرض يومئذ أكرم على الله من أيوب، فقال أحد الرجلين لصاحبه: لو كان لله في هذا حاجة، ما بلغ به هذا فلم يسمع أيوب شيئا كان أشد عليه من هذه الكلمة.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن جرير بن حازم، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: كان لأيوب أخوان، فأتياه، فقاما من بعيد لا يقدران أن يدنوا منه من ريحه، فقال أحدهما لصاحبه: لو كان الله علم في أيوب خيرا ما ابتلاه بما أرى، قال: فما جزع أيوب من شئ أصابه جزعه من كلمة الرجل. فقال أيوب: اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة شبعان قط وأنا أعلم مكان جائع فصدقني فصدق وهما يسمعان.
ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني لم أتخذ قميصين قط وأنا أعلم مكان عار فصدقني فصدق وهما يسمعان. قال: ثم خر ساجدا.
فحدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: فحدثني مخلد بن الحسين، عن