يقاتل المأذون لهم في القتال المشركين. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين وبعض المكيين:
أذن بفتح الألف، بمعنى: أذن الله، ويقاتلون بكسر التاء، بمعنى: إن الذين أذن الله لهم بالقتال يقاتلون المشركين. وهذه القراءات الثلاث متقاربات المعنى لان الذين قرأوا أذن على وجه ما لم يسم فاعله يرجع معناه في التأويل إلى معنى قراءة من قرأه على وجه ما سمي فاعله. وإن من قرأ يقاتلون ويقاتلون بالكسر أو الفتح، فقريب معنى أحدهما من معنى الآخر وذلك أن من قاتل إنسانا فالذي قاتله له مقاتل، وكل واحد منهما مقاتل. فإذ كان ذلك كذلك فبأية هذه القراءات قرأ القارئ فمصيب الصواب.
غير أن أحب ذلك إلي أن أقرأ به: أذن بفتح الألف، بمعنى: أذن الله، لقرب ذلك من قوله: إن الله لا يحب كل خوان كفور أذن الله في الذين لا يحبهم للذين يقاتلونهم بقتالهم، فيرد أذن على قوله: إن الله لا يحب، وكذلك أحب القراءات إلي في يقاتلون كسر التاء، بمعنى: الذين يقاتلون من قد أخبر الله عنهم أنه لا يحبهم، فيكون الكلام متصلا معنى بعضه ببعض.
وقد اختلف في الذين عنوا بالاذن لهم بهذه الآية في القتال، فقال بعضهم: عني به:
نبي الله وأصحابه. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير يعني محمدا وأصحابه إذا أخرجوا من مكة إلى المدينة يقول الله: فإن الله على نصرهم لقدير وقد فعل.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، قال: لما خرج النبي (ص) من مكة، قال رجل: أخرجوا نبيهم فنزلت: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا... الآية، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق النبي (ص) وأصحابه.
حدثنا يحيى بن داود الواسطي، قال: ثنا إسحاق بن يوسف، عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما خرج