حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا فضيل، عن ضرار بن مرة، عن سعيد بن جبير، قال:
مات رجل نصراني، فوكله ابنه إلى أهل دينه، فأتيت ابن عباس، فذكرت ذلك له فقال:
ما كان عليه لو مشى معه وأجنه واستغفر له ثم تلا: وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه... الآية.
وتأول آخرون الاستغفار في هذا الموضع بمعنى الصلاة. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثني إسحاق، قال: ثنا كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان، قال: ثنا حبيب بن أبي مرزوق، عن عطاء بن أبي رباح، قال: مكنت أدع الصلاة على أحد من أهل هذه القبلة ولو كانت حبشية حبلى من الزنا، لأني لم أسمع الله يحجب الصلاة إلا عن المشركين، يقول الله: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين.
وتأوله آخرون بمعنى الاستغفار الذي هو دعاء. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن عصمة بن راشد، عن أبيه قال:
سمعت أبا هريرة يقول: رحم الله رجلا استغفر لأبي هريرة ولامه قلت: ولأبيه؟ قال:
لا إن أبي مات وهو مشرك.
قال أبو جعفر: وقد دللنا على أن معنى الاستغفار: مسألة العبد ربه غفر الذنوب وإذ كان ذلك كذلك، وكانت مسألة العبد ربه ذلك قد تكون في الصلاة وفي غير الصلاة، لم يكن أحد القولين اللذين ذكرنا فاسدا، لان الله عم بالنهي عن الاستغفار للمشرك بعدما تبين له أنه من أصحاب الجحيم، ولم يخصص من ذلك حالا أباح فيها الاستغفار له.
وأما قوله: من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم فإن معناه: ما قد بينت من أنه من بعد ما يعلمون بموته كافرا أنه من أهل النار. وقيل: أصحاب الجحيم لأنهم سكانها وأهلها الكائنون فيها، كما يقال لسكان الدار: هؤلاء أصحاب هذه الدار، بمعنى سكانها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: من بعد ما تبين أنهم أصحاب الجحيم قال: تبين للنبي (ص) أن أبا طالب حين مات أن التوبة قد انقطعت عنه.