وقال آخرون: بل نزلت من أجل أن قوما من أهل الايمان كانوا يستغفرون لموتاهم من المشركين، فنهوا عن ذلك. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثني عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين...
الآية، فكانوا يستغفرون لهم حتى نزلت هذه الآية، فلما نزلت أمسكوا عن الاستغفار لأمواتهم، ولم ينهوا أن يستغفروا للاحياء حتى يموتوا. ثم أنزل الله: وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه... الآية.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين... الآية، ذكر لنا أن رجلا من أصحاب النبي (ص) قال: يا نبي الله، إن من آبائنا من كان يحسن الجوار ويصل الأرحام ويفك العاني ويوفي بالذمم، أفلا نستغفر لهم؟ قال: فقال النبي (ص): بلى والله لأستغفرن كما استغفر إبراهيم لأبيه قال: فأنزل الله: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين...
حتى بلغ: الجحيم ثم عذر الله إبراهيم فقال: وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه. قال: وذكر لنا أن نبي الله قال: أوحي إلي كلمات، فدخلن في أذني ووقرن في قلبي، أمرت أن لا أستغفر لمن مات مشركا، ومن أعطى فضل ماله فهو خير له، ومن أمسك فهو شر له، ولا يلوم الله على كفاف.
واختلف أهل العربية في معنى قوله: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين فقال بعض نحويي البصرة: معنى ذلك: ما كان لهم الاستغفار، وكذلك معنى قوله: وما كان لنفس أن تؤمن وما كان لنفس الايمان إلا بإذن الله. وقال بعض نحويي الكوفة: معناه: ما كان ينبغي لهم أن يستغفروا لهم. قال: وكذلك إذا جاءت أن مع كان، فكلها بتأويل ينبغي ما كان لنبي أن يغل ما كان ينبغي له ليس هذا من أخلاقه، قال: فلذلك إذا دخلت أن تدل على الاستقبال، لان ينبغي تطلب الاستقبال.
وأما قوله: وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فإن أهل العلم