ولا تكاد العرب تنطق منه بفعل يفعل، وإنما تقول فيه: تفعل يتفعل، مثل تأوه يتأوه، وأوه يؤوه، كما قال الراجز: ( فأواه الراعي وضوضى أكلبه) وقالوا أيضا: أوه منك ذكر الفراء أن أبا الجراح أنشده:
فأوه من الذكرى إذا ما ذكرتها ومن بعد أرض بيننا وسماء قال: وربما أنشدنا: فأو من الذكرى بغير هاء. ولو جاء فعل منه على الأصل لكان آه يؤوه أوها. ولان معنى ذلك توجع وتحزن وتضرع، اختلف أهل التأويل فيه الاختلاف الذي ذكرت، فقال ما قال: معناه الرحمة، إن ذلك كان من إبراهيم على وجه الرقة على أبيه والرحمة له ولغيره من الناس.
وقال آخرون: إنما كان ذلك منه لصحة يقينه وحسن معرفته بعظمة الله وتواضعه له.
وقال آخرون: كان لصحة إيمانه بربه.
وقال آخرون: كان ذلك منه عند تلاوته تنزيل الله الذي أنزل عليه.
وقال آخرون: كان ذلك منه عند ذكر به.
وكل ذلك عائد إلى ما قلت، وتقارب معنى بعض ذلك من بعض لان الحزين المتضرع إلى ربه الخاشع له بقلبه، ينوبه ذلك عند مسألته ربه ودعائه إياه في حاجاته، وتعتوره هذه الخلال التي وجه المفسرون إليها تأويل قول الله: أن إبراهيم لاواه حليم.
القول في تأويل قوله تعالى: