وعندما يئس منهم حيث لم يؤمن بما جاء به إلا مجموعة صغيرة، دعا الله ليعينه، حيث نقرأ في الآية الأولى قال رب انصرني بما كذبون (1).
هنا نزل الوحي الإلهي، من أجل التمهيد لإنقاذ نوح (عليه السلام) وأصحابه القلة وهلاك المشركين المعاندين فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا.
إن عبارة " بأعيننا " إشارة إلى أن سعيك في هذا السبيل سيكون تحت حمايتنا، فاعمل باطمئنان وراحة بال ولا تخف من أي شئ.
واستعمال عبارة " وحينا " يكشف لنا أن نوحا (عليه السلام) تعلم صنع السفينة بالوحي الإلهي، لأن التأريخ لم يذكر أن الإنسان استطاع صنع مثل هذه الوسيلة حتى ذلك الوقت. ولهذا السبب صنع نوح (عليه السلام) السفينة بشكل يناسب غايته في صنعها، ولتكون في غاية الكمال!
ثم تواصل الآية بأنه إذا جاء أمر الله، وعلامة ذلك فوران الماء في التنور، فاعلم أنه قد اقترب وقت الطوفان، فاختر من كل نوع من الحيوانات زوجا (ذكر وأنثى) واصعد به إلى السفينة: فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم إشارة إلى زوج نوح (عليه السلام) وأحد أبنائه، ثم أضافت الآية:
ولا تخاطبني في الذين ظلموا انهم مغرقون وهذا التحذير جاء حتى لا يقع نوح (عليه السلام) تحت تأثير العاطفة الإنسانية، عاطفة الأبوة، أو عاطفته نحو زوجته ليشفع لهما، في وقت افتقدا فيه لحق الشفاعة.
وتقول الآية التالية: فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين.
وبعد الحمد والثناء عليه تعالى على هذه النعمة العظيمة، نعمة النجاة من مخالب الظلمة، ادعوه هكذا وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين.