2 التفسير 3 من هم المنتصرون؟
حدثتنا الآيات السابقة عن المهاجرين في سبيل الله، وما وعدهم الله من رزق حسن يوم القيامة. ومن أجل ألا يتصور المرء أن الوعد الإلهي يختص بالآخرة فحسب، تحدثت الآية - موضع البحث - في مطلعها عن انتصارهم في ظل الرحمة الإلهية في هذا العالم: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إشارة إلى أن الدفاع عن النفس ومجابهة الظلم حق طبيعي لكل إنسان.
وعبارة " بمثل " تأكيد لحقيقة أن الدفاع لا يجوز له أن يتعدى حدوده.
عبارة ثم بغي عليه هي أيضا إشارة إلى وعد الله بالانتصار لمن يظلم خلال الدفاع عن نفسه، وعلى هذا فالساكت عن الحق والذي يقبل الظلم ويرضخ له، لم يعده الله بالنصر، فوعد الله بالنصر يخص الذين يدافعون عن أنفسهم ويجابهون الظالمين والجائرين، فهم يستعدون بكل ما لديهم من قوة لمجابهة هذا الظلم. ويجب أن تمتزج الرحمة والسماح بالقصاص والعقاب لتكسب النادمين والتائبين إلى الله، حيث تنتهي الآية ب إن الله لعفو غفور.
وتطابق هذه الآية آية القصاص حيث منحت ولي القتيل حق القصاص من جهة وأفهمته أن العفو فضيلة (للجديرين بها) من جهة أخرى.
وبما أن الوعد بالنصر الذي يقوي القلب لابد وأن يصدر من مقتدر على ذلك. لهذا تستعرض الآية قدرة الله في عالم الوجود التي لا تنتهي، فتقول: ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل فما أن يقل من أحدهما حتى يزداد في الآخر وفق نظام مدروس.
كلمة " يولج " مشتقة من " الإيلاج " وهو في الأصل من الولوج أي الدخول.
وهذه العبارة - كما قلنا - تشير إلى التغييرات التدريجية المنظمة تنظيما تاما،