بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم بديهي أن الآية هنا قصدت فئة من الكفار لا الكفار كلهم، لأن الكثير منهم أسلموا والتحقوا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبصفوف المسلمين.
قصدت الآية زعماء الكفار والمعاندين والمتعصبين بقوة والحاقدين الذين لم يؤمنوا قط، واستمروا في عرقلة المسيرة الإسلامية.
وتعني كلمة " مرية " الشك والترديد، وتبين لنا الآية أن هؤلاء الكفرة لم يكونوا يوما على يقين ببطلان الإسلام ودعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالرغم من إظهارهم لذلك في كلماتهم، بل كانوا في شك من القرآن والإسلام، إلا أن تعصبهم كان يحول دون توصلهم إلى الحقيقة.
أما " الساعة " فقد ذهب البعض إلى أنها تعني الموت ونظيره، إلا أن الآيات اللاحقة بينت أن القصد ختام العالم وعشية يوم القيامة، والتي رافقت كلمة " بغتة ".
ويقصد ب عذاب يوم عقيم عقاب يوم القيامة، وقد وصف يوم القيامة بالعقم لأنه لا يوم يليه لينهض المرء للقيام بأعمال خيرة تعوض عما فاته وتؤثر في مصيره.
ثم أشارت الآية التالية إلى السيادة المطلقة لرب العالمين يوم القيامة الملك يومئذ لله وهذا أمر ملازم لله الحاكم الدائم والمالك المطلق، وليس ليوم القيامة فقط، بل هو على مدى الزمان، وبما أن في الدنيا مالكين وحكاما آخرين رغم محدودية ملكياتهم وسلطانهم ورغم أنها ملكية ظاهرية وسلطان شكلي، إلا أنه قد يولد تصورا بأن هناك حكاما ملاكا غير الله. ولكن كل هذا يزول وتتضح حقيقة وحدانية المالك والحاكم يومئذ.
وبتعبير آخر: هناك نوعان من السيادة والملكية: السيادة الحقيقية، وهي للخالق على المخلوق، والسيادة الإعتبارية الناتجة عن اتفاق بين الناس، ويوجد كلا هذان النوعان في الدنيا، ولكن تزول الحكومات الإعتبارية كلها يوم القيامة،