المطر عليها. فأصبحت تسر الناظرين. أجل إن الله لطيف خبير. وكلمة " لطيف " مشتقة من " اللطف " بمعنى العمل الجميل الذي يمتاز برقته. ولهذا يطلق على الرحمة الإلهية الخاصة لفظ " اللطف ". وكلمة " الخبير " تعني المطلع على الأمور الدقيقة.
وبلطف الله تنمو البذرة تحت الأرض، ثم ترتفع خلافا لقانون جاذبية الأرض، وترى الشمس وتشم نسيم الهواء حتى تصبح نباتا مثمرا أو شجرة باسقة.
وهو الذي أنزل المطر فمنح التربة الجافة لطفا ورقة لتسمح للبذرة بالحركة والنمو. وهو خبير بجميع الاحتياجات والمراحل التي تمر بها هذه البذرة حتى ترتفع نحو السماء. يرسل الله المطر بقدرة وبخبرة منه، فإن زاده صار سيلا، وإن نقصه كثيرا ساد الجفاف في الأرض، وتقول الآية الثامنة عشرة من سورة المؤمنين: وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض (1).
الآية التالية تعرض علامة أخرى على قدرة الله غير المتناهية، وهو قوله سبحانه وتعالى: له ما في السماوات وما في الأرض.
فهو سبحانه خالق الجميع ومالكهم، وبهذا الدليل يكون قادرا عليهم، لذا فهم يحتاجون إليه جميعا، ولا يحتاج هو إلى شئ أو إلى أحد.
ويزداد هذا المعنى إشراقا في قوله سبحانه: وإن الله لهو الغني الحميد والتحام صفتي الغني والحمد جاء في غاية الإحكام:
أولا: لأن عددا كبيرا من الناس أغنياء، إلا أنهم بخلاء يستغلون الآخرين ويعملون لذاتهم فقط، وقد غرقوا في الغفلة والغرور. وتغلب على أصحاب الثروة الطائلة هذه الصفات. أما غنى الله سبحانه فهو مزيج من اللطف والسماح والجود والكرم، لذا استحق الحمد والثناء من عباده.