أشد عذابا وأبقى (1).
في الحقيقة إن جملة أينا أشد عذابا إشارة إلى تهديد موسى (عليه السلام) له من قبل، وكذلك تهديده للسحرة في البداية ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب. والتعبير ب من خلاف إشارة إلى قطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى أو بالعكس، وربما كان اختيار هذا النوع من التعذيب للسحرة، لأن موت الإنسان يكون أكثر بطأ وأشد عذابا في هذه الحالة، أي أن النزيف سيكون أبطأ، وسيعانون عذابا أشد، وربما أراد أن يقول: سأجعل بدنكم ناقصا من جانبيه.
أما التهديد بالصلب على جذوع النخل، فربما كان لأن النخلة تعد من الأشجار العالية، وكل شخص - سواء البعيد أو القريب - يرى المعلق عليها.
والملاحظة التي تستحق الذكر أن الصلب في عرف ذلك الزمان لم يكن كما هو المتعارف عليه اليوم، فلم يكونوا يضعون حبل الإعدام في رقبة من يريدون صلبه، بل كانوا يشدون به الأيادي أو الأكتاف حتى يموت المصلوب بعد تحمل العذاب الشديد.
لكن نرى ماذا كان رد فعل السحرة تجاه تهديدات فرعون الشديدة؟ إنهم لم يخافوا ولم يهربوا من ساحة المواجهة، أثبتوا صمودهم في الميدان بصورة قاطعة، وقالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض لكن، ينبغي أن تعلم بأنك تقدر على القضاء في هذه الدنيا، أما في الآخرة فنحن المنتصرون، وستلاقي أنت أشد العقاب إنما تقضي هذه الحياة الدنيا.
وعلى هذا، فإنهم قد بينوا هذه الجمل الثلاث الراسخة أمام فرعون:
الأولى: إننا قد عرفنا الحق واهتدينا، ولا نستبدله بأي شئ.