أحدهما قويا والآخر ضعيفا، فإن كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه وينفرد بالتدبير، وإن زعمت أن أحدهما قوي والآخر ضعيف ثبت أنه واحد كما تقول، للعجز الظاهر في الثاني، وإن قلت: إنهما اثنان، لا يخلو من أن يكونا متفقين من كل جهة أو متفرقين من كل جهة، فلما رأينا الخلق منتظما، والفلك جاريا، واختلاف الليل والنهار، والشمس والقمر، دل صحة الأمر والتدبير وإئتلاف الأمر أن المدبر واحد.
ثم يلزمك إن ادعيت اثنين فلابد من فرجة بينهما حتى يكونا اثنين، فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما فيلزمك ثلاثة، فإن ادعيت ثلاثة لزمك ما قلنا في الاثنين حتى يكون بينهما فرجتان فيكون خمسا، ثم يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية في الكثرة " (1).
إن بداية هذا الحديث إشارة إلى برهان التمانع، ونهايته إشارة إلى برهان آخر يسمى ب (برهان الفرجة).
وفي حديث آخر: إن هشام بن الحكم سأل الإمام الصادق (عليه السلام): ما الدليل على أن الله واحد؟ قال: " اتصال التدبير، وتمام الصنع، كما قال الله عز وجل: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " (2).
وبعد أن ثبت بالاستدلال الذي ورد في الآية توحيد مدبر ومدير هذا العالم، فتقول الآية التالية: إنه قد نظم العالم بحكمة لا مجال فيها للإشكال والإنتقاص ولا أحد يعترض عليه في خلقه: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وبالرغم من أن المفسرين قد تكلموا كثيرا حول تفسير هذه الآية، إلا أن ما ذكرناه أعلاه يبدو هو الأقرب.
وتوضيح ذلك: أن لدينا نوعين من الأسئلة: