يلزم من هذا الجسمية، وإن كان المراد التبني - والذي كان اعتياديا ومتداولا بين العرب - فإن ذلك أيضا دليل على الضعف والاحتياج، وفوق كل ذلك فإن الذي يحتاج إلى الولد هو الذي يفنى، ويجب أن يديم ابنه حياته على المدى البعيد، وكذلك ليبقى نسله وكيانه وآثاره، أو لإبعاد الإحساس بالوحدة والحاجة إلى المؤنس، أو ليكتسب القدرة والقوة. إلا أن الوجود الأزلي الأبدي وغير الجسماني، وغير المحتاج من جميع الجهات، لا معنى لوجود الولد له. ولذلك فإن القرآن يقول مباشرة: سبحانه.
ثم تبين أوصاف الملائكة في ستة أقسام تشكل بمجموعها دليلا واضحا على نفي كونهم أولادا:
1 - بل عباد.
2 - مكرمون.
فليس هؤلاء عبادا هاربين خضعوا للخدمة تحت ضغط المولى، بل هم عباد لائقون يعرفون طريق العبودية وأصولها ويفتخرون بها، ولذلك فإن الله سبحانه قد أحبهم، وأفاض عليهم من مواهبه نتيجة لإخلاصهم في العبودية.
3 - إن هؤلاء على درجة من الأدب والخضوع والطاعة لله بحيث لا يسبقونه بالقول.
4 - وكذلك من ناحية العمل أيضا فهم مطيعون وهم بأمره يعملون.
فهل هذه صفات الأولاد، أم صفات العبيد؟
ثم أشارت إلى إحاطة علم الله بهؤلاء فتقول: إن الله تعالى يعلم أعمالهم الحاضرة وفي المستقبل، وكذلك أعمالهم السالفة، وأيضا يعلم دنياهم وآخرتهم وقبل وجودهم وبعده: يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم (1) ومن المسلم أن