بأن تهديدات نبي الإسلام لم تكن مزاحا أو اعتباطا، بل هي حقيقة مرة يجب أن تفكروا فيها.
عند ذلك توضح الآية حال هؤلاء عندما تتسع دائرة العذاب لتشمل ديارهم العامرة، وعجزهم أمام العقاب الإلهي، فتقول: فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون (1) تماما كفلول جيش منهزم يرون سيوف العدو مسلولة وراءهم فيتفرقون في كل جانب.
إلا أنه يقال لهؤلاء من باب التوبيخ والتقريع: لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون.
إن هذه العبارة قد تكون إشارة إلى أن هؤلاء حينما كانوا غارقين في تلك النعمة الوفيرة، كان السائلون وطالبو الحاجات يترددون دائما إلى أبوابهم، يأتون والأمل يقدمهم، ويرجعون بالخيبة والحرمان، فالآية تقول لهم: إرجعوا وأعيدوا ذلك المشهد اللعين. وهذا في الحقيقة نوع من الاستهزاء والملامة.
واحتمل بعض المفسرين أن تكون جملة لعلكم تسألون إشارة إلى قدرة وثروة هؤلاء في الدنيا، حيث كانوا يجلسون في زاوية وعلائم الأبهة والكبرياء بادية عليهم، وكان الخدم يأتون إليهم ويحضرون عندهم بصورة متوالية ويسألون إن كان لديهم أمر أو عمل يقومون به.
أما من هو قائل هذا الكلام؟ فلم تصرح الآية به، فمن الممكن أن يكون نداء بواسطة ملائكة الله، أو أنبيائه ورسله، أو نداء صادر من داخل ضميرهم الخفي ووجدانهم.
في الحقيقة إنه نداء إلهي يقول لهؤلاء: لا تفروا وارجعوا، وكان يصل إليهم بإحدى هذه الطرق الثلاث.