زمان ومكان.
من امتيازات قوانين الإسلام أن أحكامه قائمة عادة على المقاييس الطبيعية لأن هذه المقاييس متوفرة لدى جميع الناس، ولا يؤثر عليها مرور الزمان شيئا.
أما المقاييس غير الطبيعية فليست في متناول يد الجميع ولم يستطع جميع البشر حتى في زماننا هذا أن يستفيدوا من مقاييس عالمية موحدة.
لذلك نرى أن المقياس في الأحكام الإسلامية يقوم في الأطوال على أساس الشبر والخطوة والذراع والقامة، وفي الزمان على غروب الشمس وطلوع الفجر وزوال الشمس ورؤية الهلال.
وهنا يتضح امتياز الأشهر القمرية عن الشمسية، فالبرغم من أن كلا منهما يترتب على حركات الكواكب السماوية، ولكن الأشهر القمرية قابلة للمشاهدة من الجميع، في حين أن الأشهر الشمسية لا يمكن تشخيصها إلا بواسطة المنجمين وبالوسائل الخاصة لديهم، فيعرفون مثلا أن الشمس في هذا الشهر سوف تقع في مقابل أي صورة فلكية وأي برج سماوي.
وهنا يطرح هذا السؤال: هل أن الأشخاص الذين سألوا عن الأهلة كان هدفهم هو الاستفسار عن فائدة هذه التغيرات، أو السؤال عن كيفية ظهور الهلال وتكامله إلى مرحلة البدر الكامل؟
ذهب بعض المفسرين إلى الاحتمال الأول، والبعض الآخر ذهب إلى الثاني وأضاف: بما أن السؤال عن الأسباب وعلل التغييرات ليست ذات فائدة لهم ولعل فهم الجواب أيضا سيكون عسيرا على أذهانهم، فلهذا بين القرآن النتائج المترتبة على تغييرات الهلال لكي يتعلم الناس أن يتوجهوا دوما صوب النتائج.
ثم أن القرآن أشار في ذيل هذه الآية وبمناسبة الحديث عن الحج وتعيين موسمه بواسطة الهلال الذي ورد في أول الآية إلى إحدى عادات الجاهليين