مستحيلا، بل يمكن القول أن دعوة الآية العامة لجميع المؤمنين بدون استثناء من حيث اللغة والعنصر والثروة والإقليم والطبقة الاجتماعية إلى الصلح والسلام يستفاد منها أن تشكيل الحكومة العالمية الواحدة في ظل الإيمان بالله تعالى والعيش في مجتمع يسوده الصلح ممكن في إطار الدولة العالمية.
واضح أن الأطر المادية الأرضية (من اللغة والعنصر و...) هي عوامل تفرقة بين أفراد البشر وبحاجة إلى حلقة اتصال محكمة تربط بين قلوب الناس، وهذه الحلقة ليست سوى الإيمان بالله تعالى الذي يتجاوز كل الاختلافات، الإيمان بالله واتباع أمره هو النقطة والمحور لوحدة المجتمع الإنساني ورمز ارتباط الأقوام والشعوب، ويمكن رؤية ذلك من خلال مناسك الحج الذي يعتبر نموذجا بارزا إلى اتحاد الأقوام البشرية بمختلف ألوانها وقوميتها ولغاتها وأقاليمها الجغرافية وأمثال ذلك حيث يشتركون في المراسم العبادية الروحانية في منتهى الصلح والصفاء، وبمقايسة سريعة بين هذه المفاهيم والأنظمة الحاكمة على الدول الفاقدة للإيمان بالله تعالى وكيف أن الناس يفتقدون فيها إلى الأمان النفسي والمالي ويخافون على اعراضهم ونواميسهم يتضح لنا التفاوت بين المجتمعات المؤمنة وغير المؤمنة من حيث الصلح والأمان والسلام والطمأنينة.
ويحتمل أيضا في تفسير الآية أن بعض أهل الكتاب (اليهود والنصارى) عندما يعتنقون الإسلام يبقون أوفياء لبعض عقائدهم وتقاليدهم السابقة، ولهذا تأمر الآية الشريفة أن يعتنقوا الإسلام بكافة وجودهم ويخضعوا ويسلموا لجميع أحكامه وتشريعاته (1). ثم تضيف الآية ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين وقد مر بنا في تفسير الآية (168) من هذه السورة الإشارة إلى أن كثير من