والظاهر أن عدد (70) إشارة إلى الكثرة فهو عدد تكثيري، لا عدد إحصائي، فالرواية تعني ان فرقة واحدة فقط بين اليهود والنصارى هي المحقة الناجية، وفرقا كثيرة في النار، وهكذا الحال في المسلمين وربما يزداد عدد اختلافات المسلمين على ذلك.
ولذا أشار القرآن الكريم بما أخبر الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضا إلى ما يقع بين المسلمين بعد وفاته من الاختلاف والفرقة، والخروج عن الطريق المستقيم الذي لا يكون إلا طريقا واحدا، والانحراف عن جادة الحق في العقائد الدينية، بل ويذهب المسلمون - في هذا الاختلاف - إلى حد تكفير بعضهم بعضا، وشهر السيوف، والتلاعن والتشاتم، وهدر النفوس، واستحلال الدماء والأموال، بل ويبلغ الاختلاف بينهم أن يلجأ بعض المسلمين إلى الكفار، وإلى مقاتلة الأخ أخاه.
وبهذا تتبدل الوحدة التي كانت من أسباب تفوق المسلمين السابقين ونجاحهم إلى النفاق والاختلاف والتشرذم والتمزق، وتنقل حياتهم السعيدة إلى حياة شقية، وتحل الذلة محل العزة، والضعف مكان القوة وتتبدد العظمة السامية، وينتهي المجد العظيم.
أجل إن الذين يسلكون سبيل الاختلاف بعد الوحدة، والفرقة بعد الاتحاد سيكون لهم عذاب أليم.
ش أولئك لهم عذاب عظيم.
إنه ليس من شك في أن نتيجة الاختلاف والفرقة لن تكون سوى الذلة والإنكسار، فذلك هو سر سقوط الأمم وذلتها، إنه الاختلاف والتشتت، والنفاق والتدابر.