الآية التالية تنفي مقولة اليهود ليس علينا في الأميين سبيل التي قرروا فيها لأنفسهم حرية العمل، فاستندوا إلى هذا الزعم المزيف للاعتداء على حقوق الآخرين بدون حق. حيث يتلاعبون بمصائر شعوب العالم، ولا يتورعون عن ارتكاب كل اعتداء على حقوق الإنسان، ويرون القوانين مجرد ألعوبة بيدهم لتحقيق مصالحهم، فتقول: بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين.
تقرر هذه الآية أن مقياس الشخصية والقيمة الإنسانية ومحبة الله يتمثل في الوفاء بالعهد وفي عدم خيانة الأمانة خاصة، وفي التقوى بشكل عام، أجل، إن الله يحب هؤلاء، لا الخوانة الكذابين الذين يبيحون لأنفسهم غصب حقوق الآخرين ويتجرؤون كذلك على نسبتها إلى الله تعالى.
* * * بحث 3 1 - اعتراض:
قد يقول قائل إن الإسلام قرر أيضا مثل هذا الحكم بالنسبة لأموال الأجانب، إذ أنه يجيز الاستيلاء على أموالهم.
الجواب:
إن اتهام الإسلام بهذا افتراء لاشك فيه، إذ أن من أحكام الإسلام القاطعة الواردة في كثير من الأحاديث، هو " ليس من الجائز خيانة الأمانة سواء أكانت الأمانة تخص مسلما أم غير مسلم، وحتى المشرك وعابد الأصنام ".
في حديث معروف عن الإمام السجاد (عليه السلام) قال: " عليكم بأداء الأمانة، فوالذي بعث محمدا بالحق نبيا لو أن قاتل أبي الحسين بن علي بن أبي طالب