وعلى ذلك يصبح معنى الآية هكذا: " لا تصدقوا أن ينال أحد ما نلتم من الفخر وما نزل عليكم من الكتب السماوية، وكذلك لا تصدقوا أن يستطيع أحد أن يجادلكم يوم القيامة أمام الله ويدينكم، لأنكم خير عنصر وقوم في العالم، وأنتم أصحاب النبوة والعقل والعلم والمنطق والاستدلال! ".
بهذا المنطق الواهي كان اليهود يسعون لنيل ميزة يتميزون بها، من حيث علاقتهم بالله، ومن حيث العلم والمنطق والاستدلال، على الأقوام الأخرى. لذلك يردهم الله في الآية التالية بقوله:
ش قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم.
أي: قل لهم إن المواهب والنعم، سواء أكانت النبوة والاستدلالات العقلية المنطقية، أم المفاخر الأخرى، هي جميعا من الله، يسبغها على من يشاء من المؤهلين اللائقين الجديرين بها. إن أحدا لم يأخذ عليه عهدا ووعدا، ولا لأحد قرابة معه. إن جوده وعفوه واسعان، وهو عليم بمن يستحقهما.
ش يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم (1).
هذا توكيد لما سبق أيضا: إن الله يخص من عباده من يراه جديرا برحمته - بما في ذلك مقام النبوة والقيادة - دون أن يستطيع أحد تحديده فهو صاحب الأفضال والنعم العظيمة.
ويستفاد ضمنا من هذه الآية الكريمة أن الفضل الإلهي إذا شمل بعض الناس دون بعض، فليس ذلك لمحدودية الفضل الإلهي، بل بسبب تفاوت القابليات فيهم.
* * *