6 - في أواخر الليل وعند السحر، أي عندما يسود الهدوء والصفاء وحين يغط الغافلون في نوم عميق وتهدأ ضوضاء العالم المادي، يقوم ذوو القلوب الحية اليقظة، ويذكرون الله ويطلبون المغفرة منه وهم ذائبون في نور الله وجلاله، وتلهج كل ذرة من وجودهم بتوحيده سبحانه والمستغفرين بالأسحار.
* * * 2 بحوث 1 - في تفسير هذه الآية، روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: " من قال في آخر صلاة الوتر في السحر " استغفر الله وأتوب إليه " سبعين مرة، وداوم على ذلك سنة كتبه الله من المستغفرين بالأسحار " (1).
2 - " السحر " في أصل اللغة هو " التغطية والإخفاء ". ولما كانت ساعات الليل الأخيرة تغطي كل شئ بستار خاص، فقد سميت بالسحر. و " السحر " - بكسر السين - من المادة نفسها، لأن الساحر يقوم بأعمال تخفى أسرارها على الآخرين.
وقد يطلق العرب اسم " السحر " - بوزن البشر - على الرئة لاختفاء ما فيها.
لماذا يشار إلى السحر من بين جميع ساعات الليل والنهار، مع أن الاستغفار وذكر الله مطلوبان في كل وقت؟ السبب هو ما تتميز به ساعات السحر من هدوء وسكون وابتعاد عن الأعمال المادية، وللنشاط الذي يشعر به المرء بعد استراحته ونومه، فيكون أكثر استعدادا للتوجه إلى الله. وهذا ما يسهل دركه بالتجربة، حتى أن بعض العلماء يستثمرون وقت السحر لحل المسائل العلمية، إذا أن سراج الفكر وروح الإنسان أكثر تلألؤا وسطوعا في ذلك الوقت من أي وقت آخر. ولما كانت روح العبادة والاستغفار هي التوجه وحضور القلب، فإن العبادة والاستغفار في هذا الوقت أسمى من أي وقت آخر.
* * *