في الواقع، إن الذين يعتبرون نعم الآخرة المادية كناية عن نعم معنوية، إنما يؤولون ظاهر آيات القرآن دون سبب، كما أنهم ينسون المعاد الجسماني وما يقتضيه.
ولعل جملة والله بصير بالعباد التي جاءت في آخر الآية إشارة إلى هذه الحقيقة، أي أنه يعلم ما يحتاجه الجسم والروح في العالم الآخر، وما هي متطلبات كل منهما وهو يضمن إشباع هذه الحاجات على أحسن وجه.
ش الذين يقولون ربنا إننا....
في هذه الآية والآية التي بعدها نتعرف على المتقين الذين كانوا في الآية السابقة مشمولين بنعم الله العظيمة في العالم الآخر، فتعددان ست صفات من صفاتهم الممتازة.
1 - إنهم يتوجهون إلى الله بكل جوارحهم، والإيمان يضئ قلوبهم، ولذلك يحسون بمسؤولية كبيرة في كل أعمالهم، ويخشون عقاب أعمالهم خشية شديدة، فيطلبون مغفرته والنجاة من النار: فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار.
2 - مثابرون صابرون ذوو همة، ومقاومون عند مواجهتهم الحوادث في مسيرة إطاعتهم لله وتجنبهم المعاصي، وعند ابتلائهم بالشدائد الفردية والاجتماعية الصابرين.
3 - صادقون ومستقيمون، وما يعتقدون به في الباطن يعملون به في الظاهر، ويتجنبون النفاق والكذب والخيانة والتلوث والصادقين.
4 - في طريق العبودية لله خاضعون ومتواضعون ومواظبون على ذلك ش والقانتين (1).
5 - لا ينفقون من أموالهم فحسب، بل ينفقون من جميع ما لديهم من النعم المادية والمعنوية في سبيل الله، فيعالجون بذلك أدواء المجتمع والمنفقين.