جهة أخرى.
يقول (علي بن إبراهيم) في تفسيره المعروف: جاء في الخبر أن في سورة البقرة خمسمائة حكم إسلامي وفي هذه الآية ورد خمسة عشر حكما (1).
وكما رأينا أن عدد أحكام هذه الآية يصل إلى تسعة عشر حكما، بل أننا إذا أخذنا بنظر الاعتبار الأحكام الضمنية لها فسيكون عدد الأحكام أكثر إلى حد أن الفاضل المقداد استفاد منها في كتابه (كنز العرفان) واحدا وعشرين حكما بالإضافة إلى الفروع المتعددة الأخرى، فعلى هذا يكون قوله بأن عدد أحكام هذه الآية خمسة عشر حكما إنما هو بسبب إدغام بعض أحكام هذه الآية بالبعض الآخر.
2 - إن جملة واتقوا الله وجملة ويعلمكم الله رغم أنهما ذكرتا في الآية بصوره مستقلة وقد عطفت إحداهما على الأخرى، ولكن اقترانهما معا إشارة إلى الارتباط الوثيق بينهما، ومفهوم ذلك هو أن التقوى والورع وخشية الله لها أثر عميق في معرفة الإنسان وزيادة علمه وإطلاعه.
أجل عندما يتطهر قلب الإنسان من الشوائب بوسيلة التقوى فسيغدوا كالمرآة الصافية تعكس الحقائق الإلهية، وهذا المعنى لا شك فيه ولا إشكال من جانبه المنطقي، لأن الصفات الخبيثة والأعمال الذميمة تشكل حجبا على فكر الإنسان ولا تدعه يرى وجه الحقيقة كما هي عليه، وعندما يقوم الإنسان بإزاحة هذه الحجب بوسيلة التقوى فإن وجه الحق سيظهر ويتجلى.
ولكن بعض الصوفيين الجهلاء أساءوا الاستفادة من هذا المعنى وجعلوه دليلا على ترك تحصيل العلوم الرسمية في حين أن هذا الكلام يخالف الكثير من آيات القرآن والروايات الإسلامية الشريفة.